للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولا يَقْصُرُ عنه، وكذلك الوسَطُ عَدْلٌ، وكذلك الوسَطُ عَدْلٌ، واسْتواءُ علمِ (١) الفريقين فيما عليه بعضُهم لبعضٍ بعدَ (٢) المُهادَنةِ، عدلٌ مِن الفعلِ ووسَطٌ، وأما الذي قاله الوليدُ بنُ مسلمٍ مِن أن معناه المَهَلُ، فما لا أَعْلَمُ له وجهًا في كلامِ العربِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَبَقُوا إِنَّهُمْ لَا يُعْجِزُونَ (٥٩)﴾.

اخْتَلَفَت القرَأَةُ في قراءة ذلك؛ فقرأ ذلك عامةُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ: (ولا تَحْسَبَنَّ الذين كَفَروا سَبَقُوا إنهم). بكسرِ الألف من "إنهم" وبالتاءِ في: "تحسبن"، بمعنى: ولا تَحْسَبَنَّ يا محمدُ الذين كفَروا سبَقونا، ففاتونا بأنفسِهم، ثم ابْتُدِئ الخبرُ عن قدرةِ اللَّهِ عليهم، فقيل: إن هؤلاء الكفَرةَ لا يُعْجِزون ربَّهم إذا طلَبَهم وأراد تعذيبَهم وإهلاكَهم بأنفسِهم، فيَفُوتوه بها.

وقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ المدينةِ والكوفةِ: ﴿وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا﴾ بالياءِ في "يَحْسَبَنَّ"، وكسرِ الألفِ من ﴿إِنَّهُمْ﴾ (٣). وهي قراءةٌ غيرُ حميدةٍ لمعنيين؛ أحدُهما: خروجُها (٤) مِن قراءةِ القرأةِ وشذوذُها عنها، والآخرُ: بُعْدُها مِن فصيحِ كلامِ العربِ، وذلك أن "يَحْسَبُ": يَطْلُبُ في كلامِ العربِ منصوبًا وخَبَرَه كقولِه: عبدُ (٥) اللَّهِ يَحْسَبُ (٦) أخاك قائمًا ويقومُ وقام. فقارئُ هذه القراءةِ أَصْحَبَ


(١) سقط من: م. وفى ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "على". والصواب ما أثبتناه.
(٢) في م: "بعض".
(٣) القراءة بالتاء هي قراءة ابن كثير ونافع وأبي عمرو وعاصم في رواية أبي بكر والكسائي. والقراءة بالياء هي قراءة ابن عامر وحمزة، وعاصم في رواية حفص، إلا أن ابن عامر قرأ بفتح الهمزة من "أنهم". السبعة لابن مجاهد ص ٣٠٧، والتيسير لأبي عمرو ص ٩٦.
(٤) في م: "خروجهما".
(٥) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "عند".
(٦) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "تحتسب".