للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

بَسَطْتَ إليَّ يدك. لأنه كان حرامًا عليه مِن قَتْلِ أخيه مثلُ الذي كان حرامًا على أخيه القاتل مِن قتلِه، فأما الامتناعُ مِن قَتْلِه حينَ أراد قَتْلَه، فلا دَلالة على أن القاتلَ حينَ أراد قتلَه وعزَم عليه، كان المقتولُ عالمًا بما هو عليه عازِمٌ منه ومُحاوِلٌ من قتلِه، فتَرَك دَفْعَه عن نفسِه. بل قد ذكرُ جماعةٌ مِن أهلِ العلمِ أنه قتَله غِيلَةٌ؛ اغتاله وهو نائمٌ، فشَدَخ (١) رَأْسَه بصَخْرةٍ. فإذ كان ذلك ممكنًا، ولم يكنْ في الآيةِ دَلالةٌ على أنه كان مأمورًا بتَرْكِ مَنْعِ أخيه مِن قتلِه، لم يكنْ جائزا ادِّعاءُ ما ليس في الآيةِ إلَّا ببرهانٍ يجِبُ تَسْليمه.

وأما تأويلُ قولِه: ﴿إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾. [فَإِنَّه: إنى] (٢) أَخافُ في بَسْطِ يدى إليك إن بَسَطْتُها لقَتْلِك، ﴿رَبَّ الْعَالَمِينَ﴾. يعني: مالكَ الخلائقِ كلِّها أن يُعاقِبَني على بسطِ يدىَ إليك.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاءُ الظَّالِمِينَ (٢٩)﴾.

اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: إني أُريدُ أن تَبُوءَ بإثمى مِن قتلِك إِيَّايَ، وإثْمِك في معصيتِك الله، [وغيرِ] (٣) ذلك مِن معاصيك.

ذكرُ مِن قال ذلك

حدَّثني موسى (٤) بنُ هارونَ، قال: ثنا عمرُو بنُ حمادٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّديِّ في حديثِه، عن أبي مالكٍ، وعن أبي صالحٍ، عن ابن عباسٍ، وعن مُرَّةَ. عن ابن مسعودٍ، وعن ناسٍ مِن أصحابِ رسولِ اللهِ : ﴿إِنِّي أُرِيدُ أَنْ تَبُوءَ


(١) شدخ رأسه: شَجَّه.
(٢) في م، ت ١، ت ٢ ت ٣: "فإني".
(٣) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "بغير"، وفى س: "يعني". والمثبت هو الصواب.
(٤) في م: "محمد".