للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ومُتَفَكَّرٌ في فئتينِ الْتَقَتا، فئةٌ تُقاتِلُ في سبيلِ اللهِ، وأخْرى كافرةٌ، يَرَى هؤلاء المسلمونَ (١) مع قلةِ عددِهم هؤلاء المشركينَ (٢) في كثرةِ عددِهم.

فإن قال قائلٌ: وما وجهُ تأويلِ قراءةِ مَن قرَأ ذلك بالياءِ؟ وأيُّ الفئتَين رأَت صاحبتَها مثلَيْها، الفئةُ المسلمةُ هي التي رأَتِ المشركةَ مثلَيْها، أم المشركةُ هي التي رأَتِ المسلمةَ كذلك، أم غيرُهما (٣) رأَتْ إحداهما كذلك؟

قيل: اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في ذلك؛ فقال بعضُهم: الفئةُ التي رأَتِ الأخْرى مثلَىْ أنفسِها الفئةُ المسلمةُ، رأَتْ عددَ الفئةِ المشركةِ مثلَىْ عددِ الفئةِ المسلمةِ، قلَّلها اللهُ ﷿ في أعينِها حتى رأَتْها مِثْلَىْ عددِ أنفسِها، ثم قلَّلها في حالٍ أخْرى فرأَتْها (٤) مثلَ عددِ أنفسِها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا موسَى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسْباطُ، عن السديِّ، في خبرٍ ذكَرَه عن مُرَّةَ الهَمْدانيِّ، عن ابن مسعودٍ: ﴿قَدْ كَانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتَا فِئَةٌ تُقَاتِلُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأُخْرَى كَافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ﴾. قال: هذا يومُ بدرٍ. قال عبدُ اللهِ بنُ مسعودٍ: وقد نظَرْنا إلى المشركينَ، فرأَيْناهم يُضْعِفون علينا، ثم نظَرْنا إليهم فما رأَيْناهم يَزِيدُون علينا رجلًا واحدًا، وذلك قولُ الله ﷿: ﴿وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلًا وَيُقَلِّلُكُمْ فِي


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "المسلمين".
(٢) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "المشركون".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "غيرها".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "رأتها".