للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحسنِ: ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ﴾. قال: بدينِهم (١).

حدَّثني المُثَنَّى، قال: ثنا إسحاقُ، قال: ثنا ابن أبي جعفرٍ، عن أبيه، عن الربيعِ، قال: قال رسولُ اللهِ : "حَذَّرَكم (٢) أن تُحِدِثوا في الإسلامِ حَدَثًا، وقد عَلِمَ (٣) أنه سيفعلُ ذلك (٤) أقوامٌ مِن هذه الأمةِ، فقال اللهُ في ذلك: ﴿فَاسْتَمْتَعُوا بِخَلَاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلَاقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ بِخَلَاقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَالَّذِي خَاضُوا أ﴾. وإنما حَسِبوا أن لا يقعَ بهم مِن الفتنةِ ما وَقَع ببنى إسرائيلَ قبلَهم، وإن الفتنةَ عائدةٌ كما بَدَتْ (٥)

وأمَّا قولُه: ﴿أُولَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾، فإن معناه: هؤلاء الذين قالوا: ﴿إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ﴾، وفَعَلُوا في ذلك فعلَ الهالِكِين مِن الأممِ قبلَهم. ﴿حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ﴾، يقولُ: ذَهَبَتْ أعمالهم باطلًا، فلا ثوابَ لها إلا النارُ؛ لأنها كانت فيما يَسْخَطُ اللَّهُ ويَكْرَهُه. ﴿وَأُولَئِكَ هُمُ الْخَاسِرُونَ﴾، يقولُ: وأولئك هم المَغْبونُون صفقتُهم، ببَيْعهم نعيمَ الآخرة بخَلاقِهم مِن الدنيا اليسيرِ الزهيدِ.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وَأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَالْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ اللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (٧٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ألم يأتِ هؤلاء المنافقين الذين يُسِرُّون الكفرَ باللهِ، ويَنْهَون


(١) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٦/ ١٨٣٤ من طريق محمد بن عبد الأعلى به، وأخرجه عبد الرزاق في تفسيره ١/ ٢٨٣ عن معمر به.
(٢) في ص، ت ٢، س، ف: "حدثكم"، وينظر مصدر التخريج.
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: علمتم"، وينظر مصدر التخريج.
(٤) سقط من: ص، ت ذ، ت ٢، س، ف.
(٥) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٣/ ٢٥٥ إلى أبي الشيخ.