للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عن الإيمانِ به وبرسولِه ﴿نَبَأُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ﴾. يقولُ: خبرُ الأممِ الذين كانوا من قبلهم حينَ عَصَوا (١) رُسُلَنا وخالفوا أمْرَنا، ماذا حَلَّ بهم من عقوبتِنا؟

ثم بَيَّنَ جل ثناؤه مَن أولئك الأممُ التي قال لهؤلاء المُنافِقِين: ألم يأتِهم نَبَؤُهم؟ فقال: ﴿قَوْمِ نُوحٍ﴾. ولذلك خَفَضَ القومَ، لأنه تَرْجَمَ بهم (٢) عن "الذين" و"الذين" في موضعِ خفضٍ.

ومعنى الكلامِ: ألم يأتِ هؤلاء المنافقين خبرُ قومِ نوح وصَنيعى بهم إذ كَذَّبُوا رسولي نوحًا، وخالَفوا أمْرِى؟ ألم أُغْرِقْهم بالطُّوفانِ؟ ﴿وَعَادٍ﴾، يقولُ: وخبرُ عادٍ إذ عَصَوا رسولى هودًا، ألم أُهْلِكهم بريحٍ صَرْصَرٍ عاتيةٍ؟ وخبرُ ثمودَ إذ عَصَوا رسولى صالحًا، ألم أهلِكْهم بالرَّجْفَةِ، فأتْرُكَهم بأفْنِيتِهم خُمودًا؟ وخبرُ قومِ إبراهيمَ إذ عَصَوه، ورَدُّوا عليه ما جاءهم به مِن عندِ اللَّهِ مِن الحقِّ، أَلم أَسْلُبهم النعمةَ، وأُهلِكْ مَلِكَهم نُمْرُوذَ (٣)؟ وخبرُ أصحابِ مَدْيَنَ بن إبراهيمَ، ألم أُهلِكُهم بعذابِ يومِ الظُّلَّةِ إذ كَذَّبوا رسولى شعيبًا؟ وخبرُ المُنْقَلِبة بهم أرضُهم، فصار أعلاها أسفلَها، إذ عَصَوا رسولى لوطًا، وكَذَّبوا ما جاءهم به مِن عندى من الحقِّ؟ يقولُ تعالى ذكرُه: أفأمِن هؤلاء المنافقون الذين يَسْتَهْزِءون باللهِ وبآياتِه ورسولِه، أن يُسْلَكَ بهم في الانْتِقامِ منهم وتَعْجيلِ الخِزْي والنَّكالِ لهم في الدنيا، سبيلُ أسلافِهم مِن الأممُ، ويَحِلَّ بهم بتَكْذيبِهم رسولي محمدًا ما حَلَّ بهم في تَكْذيبِهم رُسُلَنا، إذ أتتهم بالبينات.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في ت ١، ت ٢، س: "عموا".
(٢) في م: "بهن".
(٣) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "نمرود" بالمهملة، وينظر تعليقنا المتقدم في ٤/ ٥٦٨.