للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مِن قتْلِ بعضِكم بعضًا. وهذا مِن المحذوفِ الذى اسْتُغْنى بالظاهرِ منه عن المتروكِ؛ لأن معنى الكلامِ: فتُوبوا إلى بارئِكم فاقْتُلوا أنفسَكم، ذلكم خيرٌ لكم عندَ بارئِكم، فتُبْتم فتاب اللهُ عليكم. فترَك ذِكْرَ قولِه: فتبْتُم. إذ كان في قولِه: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾. دَلالَةٌ بينةٌ على اقْتِضاءِ الكلامِ: فتبْتُم.

ويعنى بقولِه: ﴿فَتَابَ عَلَيْكُمْ﴾: رجَع لكم ربُّكم إلى ما أحْبَبْتُم مِن العفوِ عن ذنوبكم وعظيمِ ما ركِبْتُم، والصفحِ عن جُرْمِكم، ﴿إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ﴾. يعنى: الراجعُ لمن أناب إليه بطاعتِه إنى ما يُحِبُّ مِن العفوِ عنه. ويعنى بـ ﴿الرَّحِيمُ﴾: العائدُ عليه (١) برحمتِه المُنْجيةِ مِن عقوبتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَإِذْ قُلْتُمْ يَامُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللهَ جَهْرَةً﴾.

وتأويلُ ذلك: واذْكُروا أيضًا إذ قلْتُم: يا موسى لن نُصَدِّقَك ولن نُقِرَّ بما جئْتَنا به حتى نَرَى اللهَ (٢) عِيانًا، برفعِ الساترِ بينَنا وبينَه، وكشفِ الغِطاءِ دونَنا ودونَه، حتى نَنْظُرَ إليه بأبصارِنا. كما تُجْهَرُ الرَّكِيَّةُ (٣)، وذلك إذا كان ماؤُها قد غطَّاه الطِّينُ، فنُقِّى (٤) ما قد غطَّاه حتى ظهَر الماءُ وصفا. يقالُ منه (٥): جَهَرْتُ الرَّكِيَّةَ أَجْهَرُها جَهْرًا وجَهْرةً. ولذلك قيل: قد جاهَر (٦) فلانٌ بهذا الأمرِ


(١) في م: "إليه".
(٢) بعده في ر: "جهرة أى"، وبعده في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "جهرة".
(٣) الرَّكيَّة: البئر. اللسان (ر ك ى).
(٤) غير منقوطة في الأصل، وفى ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فنفى"، والمثبت كما في اللسان نقلا عن الأخفش، ويحتمله ما في الأصل. وينظر اللسان (ج هـ ر).
(٥) بعده في ر، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "قد".
(٦) في م، ت ١: "جهر".