للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يوم عاصفٍ. [وقولُه: ﴿ذَلِكَ هُوَ الضَّلَالُ الْبَعِيدُ﴾. أي: الخطأُ البيِّنُ، البعيدُ عن طريق الحقِّ] (١).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ بِالْحَقِّ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ (١٩) وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ (٢٠)﴾.

يقول عز ذكره لنبيِّه محمد : ألم تَرَ يا محمدُ بعين قلبك، فتعلم أن الله أنشأ السماوات والأرض بالحقِّ، منفردًا بإنشائها، بغيرِ ظَهِيرٍ ولا معينٍ. ﴿إن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ﴾. يقولُ: إن الذي تفرَّد بخلق ذلك وإنشائه، من غير معين ولا شريك، إن هو شاء أن يُذهبكم فيفنيكم، أذهَبكم وأفناكم ﴿وَيَأْتِ بِخَلْقٍ﴾ آخر سواكم مكانكم، فيجدِّدُ خلقهم،

﴿وَمَا ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ بِعَزِيزٍ﴾. يقولُ: وما إذهابُكم وإفناؤكم وإنشاء خلقٍ آخر سواكم مكانكم، على اللَّهِ بممتنِعٍ ولا متعذِّرٍ؛ لأنَّه القادر على ما يشاء.

واختلفت القرأة في قراءة قوله: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّ الله خَلَقَ﴾. فقرأ ذلك عامَّةُ قَرأةِ أهل المدينة والبصرة وبعضُ الكوفيين: ﴿خَلَقَ﴾ على "فعَل".

وقرأته عامَّةُ قرأة أهل الكوفة: (خالق)، على "فاعِل"، وهما قراءتان مستفيضتان، قد قرأ بكلِّ واحدة منهما أئمةٌ من القرّاء، متقاربتا المعنى، فبأيَّتِهما قَرَأ القارئُ فمصيبٌ (٢).

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَبَرَزُوا لِلَّهِ جَمِيعًا فَقَالَ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا


(١) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، ف.
(٢) قرأ ابن كثير ونافع وأبو عمرو وعاصم وابن عامر: ﴿خلق﴾ على "فعل"، وقرأ حمزة والكسائي: (خالق) على "فاعل". السبعة ص ٣٦٢ والتيسير ص ١٠٩، وحجة القراءات ص ٣٧٧.