الآخرة. والأُخْدُودُ الحُفْرَةُ تُحفَرُ في الأرضِ.
وقولُه: ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ﴾. فقولُه ﴿النَّارِ﴾: ردٌّ على ﴿الْأُخْدُودِ﴾؛ ولذلك خُفِضَتْ، وإنما جاز ردُّها عليه وهى غيرُه؛ لأنَّها كانت فيه، فكأنَّها - إذ كانت فيه - هو، فجرَى الكلامُ عليه؛ لمعرفةِ المخاطَبين به بمعناه، وكأنه قيل: قُتِل أصحابُ النارِ ذاتِ الوقود.
ويعنى بقوله: ﴿ذَاتِ الْوَقُودِ﴾: ذاتِ الحطَبِ الجَزْلِ (١)، وذلك إذا فُتِحتِ الواوُ، فأمَّا الوُقودُ بضمِّ الواوِ، فهو الاتِّقادُ.
يقولُ تعالى ذكرُه: النارِ ذاتِ الوَقودِ، إذ هؤلاء الكفارُ من أصحابِ الأخدودِ ﴿عَلَيْهَا﴾. يعنى: على النار، فقال: ﴿عَلَيْهَا﴾. والمعنى أنهم قعودٌ على حافَةِ الأخدودِ، فقيل: على النارِ، والمعنى لشفيرِ الأخدودِ؛ لمعرفةِ السامِعين معناه.
وكان قتادة يقولُ في ذلك ما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدٌ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿النَّارِ ذَاتِ الْوَقُودِ (٥) إِذْ هُمْ عَلَيْهَا قُعُودٌ﴾: يعنى بذلك المؤمنين.
وهذا التأويلُ الذي تأوَّله قتادةُ على مذهبِ من قال: قُتِل أصحابُ الأخدودِ من أهلِ الإيمانِ.
وقد دَلَّلْنا على أنَّ الصوابَ مِن تأويلِ ذلك غيرُ هذا القولِ الذي وجَّه تأويلَه قتادةُ قبلُ.