للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أهلِ المدينةِ (١) بمعنى: ولن تُغنيَ عنكم فئتُكم شيئًا ولو كثُرت، وأن اللهَ مع المؤمنين. فعطَف بـ "أن" على موضعِ "ولو كثُرت" كأنه قال: لكثرتِها، ولأن اللهَ مع المؤمنين. ويكونُ موضعُ "أن" حينئذٍ نصبًا على هذا القولِ.

وقد كان بعضُ أهلِ العربيةِ يزعُمُ أن فتحَها إذا فُتحت على: ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مُوهِنُ كَيْدِ الْكَافِرِينَ﴾، ﴿وَأَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ﴾ عطفًا بالأخرى على الأولى.

وقرأ ذلك عامةُ قرأةِ الكوفيين والبصريين: (وإن اللهَ) بكسرِ الألفِ على الابتداءِ (٢)، واعتلوا بأنها في قراءة عبدِ اللهِ [(واللهُ مع المُؤمِنينَ)] (٣).

وأولى القراءتين بالصوابِ قراءةُ مَن كسَر "إن" على الابتداءِ (٤)؛ لتقضِّى الخبرِ قبل ذلك عمَّا يَقْتضى قولُه: (وَإِنَّ اللهَ مَعَ المُؤْمِنِينَ).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ (٢٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: يا أيُّها الذين صدَّقوا اللهَ ورسولَه ﴿أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ﴾ فيما أمرَكم به، وفيما نهاكم عنه، ﴿وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ﴾. يقولُ: ولا تُدْبِروا عن رسولِ اللهِ ، مخالفين أمرَه ونهيَه، ﴿وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ﴾ أمرَه إيَّاكم ونهيَه، وأنتم به مؤمنون.

كما حدَّثنا ابنُ حُميدٍ، قال: ثنا سَلَمةُ، عن ابنِ إسحاقَ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ


(١) قرأ بها نافع وابن عامر وحفص عن عاصم. السبعة في القراءات ص ٣٠٥.
(٢) قرأ بها ابن كثير وعاصم -في رواية أبي بكر- وأبو عمرو وحمزة والكسائي. ينظر السابق.
(٣) في م ومعاني القرآن ١/ ٤٠٧: "وإن الله لمع المؤمنين"، وينظر كتاب المصاحف لابن أبي داود ص ٦٢، والبحر المحيط ٤/ ٤٧٩.
(٤) القراءتان كلتاهما صواب.