يعني جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ﴾: ولأزواجِكم أيها الناسُ ربعُ ما ترَكتم بعدَ وفاتِكم مِن مالٍ وميراثٍ، إن حدَث بأحدِكم حَدَثُ الوفاةِ ولا ولدَ له ذكرٌ ولا أُنثى، ﴿فَإِنْ كَانَ لَكُمْ وَلَدٌ﴾. يقولُ: فإن حدَث بأحدِكم حدثُ الموتِ، وله ولدٌ ذكَرٌ أو أنثى، واحدًا كان الولدُ أو جماعةً، ﴿فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ﴾، يقولُ: فلأزواجِكم حينَئذٍ مِن أموالِكم وتَركتِكم التي تُخَلِّفُونها بعدَ وفاتِكم، الثُّمُنُ، مِن بعد قضاءِ ديونِكم التي حدَث بكم حدثُ الوفاةِ وهى عليكم، ومِن بعدِ إنفاذِ وصاياكم الجائزةِ التي تُوصون بها.
وإنما قيل: ﴿مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِهَا أَوْ دَيْنٍ﴾. فقدَّم ذكرِ "الوصيةِ" على ذكرِ "الدَّينِ"؛ لأن معنى الكلامِ: إن الذي فرَضتُ لمن فرَضْتُ له منكم في هذه الآياتِ، إنما هو له مِن بعدِ إخراجِ أيِّ هذين كان في مال الميت منكم، مِن وصيةٍ أو دَينٍ. فلذلك كان سواءً تقديمُ ذكرِ الوصيةِ قبلَ ذكرِ الدَّينِ، وتقديمُ ذكرِ الدَّينِ قبلَ ذكرِ الوصيةِ؛ لأنه لم يُرِدْ مِن معنى ذلك إخراجَ (١) الشيئين؛ الدَّينِ والوصيةِ مِن مالِه، فيكونَ ذكرُ الدَّين أوْلَى أن يُبْدَأَ به مِن ذكرِ الوصيةِ.