للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قال أبو جعفر: والصوابُ من القراءة في ذلك عندنا ﴿يَمُدُّونَهم﴾ بفتحِ الياءِ؛ لأن الذي يمدّ الشياطين (١) إخوانَهم من المشركين، إنما هو زيادةٌ من جنسِ الممدودِ، وإذا كان الذي مدَّ من جنس الممدود كان كلام العربِ مَدَدْتُ لا أمدَدْت.

وأما قوله: ﴿يُقصِرُونَ﴾. فإن القرَأَةَ على لغة من قال: أَقَصْرتُ أُقْصِرُ. وللعربِ فيه لغتان: قصرتُ عن الشيء، وأقْصَرتُ عنه.

القول في تأويل قوله: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهِمْ بِآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾.

يقولُ تعالى ذكره: وإذا لم تأتِ يا محمد هؤلاء المشركين بآية [من الله] (٢)، ﴿قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾. يقولُ: قالوا: هلا اخترتها واصطفيتها، من قولِ اللَّهِ تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ يَجْتَبِى مِن رُسُلِهِ مَن يَشَاءُ﴾ [آل عمران: ١٧٩]. يعنى: يختارُ ويصطفى. وقد بيَّنا (٣) ذلك في مواضعه (٤) بشواهده (٥).

ثم اختلف أهلُ التأويلِ في تأويل ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: هلَّا افتعَلْتَها من قِبَلِ نفسك واختلَقْتَها؟ بمعنى: هلا اجتبيتها اختلاقًا؟ كما تقولُ العرب: لقد اختار فلان هذا الأمر وتخيَّره اختلاقًا.

ذكرُ من قال ذلك

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَإِذَا لَمْ تَأْتِهم بآيَةٍ قَالُوا لَوْلَا اجْتَبَيْتَهَا﴾. أي: لولا أتيتنا بها من قبل نفسك. هذا قول كفار


(١) في ص، ت ١، ت ٢، س، ف: "الشيطان".
(٢) سقط من: ص، ت ١، ت ٢، س، ف.
(٣) بعده في ف: "معنى".
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، س: "موضعه".
(٥) ينظر ما تقدم في ٩/ ٣٨٦.