للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وأما قولُه: ﴿فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾. فإنه يَعْنِى بالخزىِ الشرَّ والعارَ والذِّلةَ؛ إما القتلُ والسَّبيُ، وإما الذِّلةُ والصَّغارُ بأداءِ الجزيةِ.

كما حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخبرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخْبَرنا مَعْمرٌ، عن قتادةَ: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾. قال: يُعْطُون الجِزيةَ عن يدٍ وهم صاغِرون (١).

وحدَّثنى موسى، قال: ثنا عمرٌو، قال: ثنا أسباطُ، عن السُّدِّىِّ قولَه: ﴿لَهُمْ فِي الدُّنْيَا خِزْيٌ﴾: أما خزيُهم في الدنيا، فإنهم إذا قام المَهْدىُّ وفُتِحَت القُسْطنطينيةُ قَتَلهم، فذلك الخزىُ (٢).

[وأما قولُه: ﴿وَلَهُمْ فِي الْآخِرَةِ﴾. فإن الآخرةَ صفةٌ للدارِ. وقد بيَّنَّا فيما مضَى قبلُ لِمَ قيلَ لها: آخرةٌ] (٣).

وأما العذابُ العظيمُ، فإنه عذابُ جهنمَ الذى لا يُخَفَّفُ عن أهلِه، ولا يُقْضَى عليهم فيه (٤) فيموتوا.

وتأويلُ الآيةِ: لهم في الدنيا الذلةُ والهوانُ، والقتلُ والسبيُ، على مَنْعِهم مساجدَ اللهِ أن يُذْكَرَ فيها اسمُه، وسَعْيِهم في خرابِها، ولهم على مَعْصِميتِهم وكفرِهم بربِّهم، وسعيِهم في الأرضِ فسادًا، عذابُ جهنمَ، وهو العذابُ العظيمُ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَلِلَّهِ الْمَشْرِقُ وَالْمَغْرِبُ فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللهِ﴾.


(١) تفسير عبد الرزاق ١/ ٥٦، وأخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢١١ (١١١٩) عن الحسن بن يحيى به.
(٢) أخرجه ابن أبى حاتم في تفسيره ١/ ٢١١ (١١١٨) من طريق عمرو به.
(٣) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣. وينظر ما تقدم في ١/ ٢٥١.
(٤) في م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "فيها".