للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يَلْقَوْنَ غَيًّا﴾. قال: الغيُّ الشرُّ (١).

ومنه قولُ الشاعرِ (٢):

فمَنْ يَلْقَ خَيْرًا يَحْمَدِ النَّاسُ أَمْرَه … ومَن يَغْوَ لا يَعْدَمْ على الغَيِّ لائمَا

وكلُّ هذه الأقوالِ مُتَقارباتُ المعنى (٣)، وذلك أن مَن وَرَد البِئرَيْنِ اللَّتَين ذكَرَهما النبيُّ ، والوادِىَ الذي ذكَرَه ابن مسعودٍ في جَهَنَّمَ، فدخَل ذلك، فقَد لَاقَى خُسْرانًا وشرًّا؛ حَسْبُه به شرًّا.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا (٦٠)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: فسوف يَلْقَى هؤلاءِ الخَلَفُ السوءُ الذين وصَف صفتَهم غَيًّا، إلا الذين تابوا منهم (٤) فراجَعوا أمرَ اللهِ، والإيمانَ بهِ وبرسولِه، ﴿وَعَمِلَ صَالِحًا﴾. يقولُ: وأطاع الله فيما أمرَه ونهاه عنه، وأدَّى فرائضَه، واجْتَنَب محارِمَه ﴿فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ﴾. يقولُ: فإن أولئك منهم خاصةً يَدْخُلون الجنةَ دونَ مَن هلَك منهم على كُفْرِه، وإضاعتِه الصلاةَ واتباعِه الشَّهواتِ.

وقولُه: ﴿وَلَا يُظْلَمُونَ شَيْئًا﴾. يقولُ: ولا يُبْخَسُون من جزاءِ أعمالِهم شيئًا، ولا يُجْمَعُ بينَهم وبينَ الذين هَلَكوا من الخلَفِ السوءِ مِنهم قبلَ توبتِهم مِن ضلالتِهم (٥)، وقبلَ إنابتِهم إلى طاعةِ ربِّهم في جَهَنَّمَ، ولكِنَّهم يدخُلُون مُدخَلَ أهلِ


(١) ذكره القرطبي في تفسيره ٥/ ١٢٥، وينظر التبيان ٧/ ١٢١.
(٢) البيت للمرقش الأصغر في المفضليات ص ٢٤٧، والأغانى ٦/ ١٣٩، ومعجم الشعراء للمرزبانى ص ٥.
(٣) في م: "المعنى".
(٤) سقط من: ص، م، ت ١، ف.
(٥) في ص، م، ف: "ضلالهم".