للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

من ذلك وتراضَتْ هي والخاطبُ به.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾.

يعني تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿ذَلِكَ﴾. ما ذُكِر في هذه الآيةِ من نَهْيِ أولياءِ المرأةِ عن عَضْلِها عن النكاحِ. يقولُ: فهذا الذي نَهَيْتُكم عنه من عَضْلِهنَّ عن النكاحِ، عِظَةٌ مني مَن كان منكم أيُّها الناسُ ﴿يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. يَعني: يُصَدِّقُ باللَّهِ، فيُوَحِّدُه ويُقِرُّ برُبُوبيَّتِه، ﴿وَالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾. يقولُ: ومَن يؤمنُ باليومِ الآخرِ، فيُصَدِّقُ بالبعثِ للجزاءِ والثوابِ والعقابِ؛ ليتقيَ اللَّهَ في نفسِه فلا يَظْلِمَها بضِرارِ وَلِيَّتِه، ومَنْعِها من نكاحِ مَن رَضِيَتْه لنفسِها ممن أَذِنْتُ لها في نكاحِه.

فإن قال لنا قائلٌ: وكيف قيل: ﴿ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ﴾. وهو خطابٌ للجَميعِ، وقد قال مِن قبلُ: ﴿فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ﴾؟ وإذ (١) جاز أن يقالَ في خطابِ الجميعِ "ذلك"، أفيجوزُ أن تقولَ لجماعةٍ من الناسِ وأنت تخاطِبُهم: أيُّها القومُ، هذا غلامُك وهذا خادمُك. وأنت تُريدُ: هذا خادمُكم وهذا غلامُكم؟

قيل: لا، إن ذلك غيرُ جائزٍ مع الأسماءِ الموضوعاتِ؛ لأن ما أُضِيفَ إليه الأسماءُ غيرُها، فلا يَفهَمُ سامعٌ سَمِع قولَ قائلٍ لجماعةٍ: أيُّها القومُ، هذا غلامُك. أنه عنَى بذلك: هذا غلامُكم. إلا على اسْتِخْطاءِ الناطقِ في مَنْطِقِه ذلك، فإن طلَب لمَنْطِقِه ذلك وجهًا في [الصوابِ] (٢)، صرَف كلامَه ذلك إلى أنه انْصَرَفَ عن خطابِ القومِ بما أراد خِطابَهم به، إلى خطابِ رجلٍ واحدٍ منهم أو مِن غيرِهم، وترَك محاورةَ (٣)


(١) في ت ١، ت ٢، ت ٣: "إن".
(٢) في م: "فالصواب".
(٣) في م: "مجاوزة".