للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عبدِ اللَّهِ، عن عبدِ الملكِ بنِ المغيرةِ، عن عبدِ الرحمنِ بنِ البَيْلَمانيِّ، قال: قال رسولُ اللَّهِ : "أَنْكِحُوا الأَيامَى". فقال رجلٌ: يا رسولَ اللَّهِ، ما العلائقُ (١) بينهم؟ قال: "ما تَراضَى عليه أهْلُوهُم" (٢).

حدَّثنا ابنُ بَشَّارٍ، قال: ثنى محمدُ بنُ الحارثِ، قال: ثنا محمدُ بنُ عبدِ الرحمنِ بنِ البَيْلَمَانِيِّ، عن أبيه، عن ابنِ عمرَ، عن النبيِّ بنحوٍ منه (٣).

وفي هذه الآيةِ الدَّلالةُ الواضحةُ على صحةِ قولِ مَن قال: لا نكاحَ إلا بوَلِيٍّ مِن العَصَبةِ. وذلك أن اللَّهَ تعالى ذكرُه منَع الوَلِيَّ مِن عَضْلِ المرأةِ إن أرادتِ النكاحَ، ونهاه عن ذلك، فلو كان للمرأةِ إنكاحُ نفسِها بغيرِ إنكاحِ وليِّها إيّاها، أو كان لها توليةُ مَن أرادت تَوْلِيَتَه في إنكاحِها، لم يكنْ لنَهْيِ وليِّها عن عَضْلِها معنًى مفهومٌ، إذ كان لا سبيلَ له إلى عَضْلِها؛ وذلك أنها إن كانت متى أرادتِ النكاحَ جاز لها إنكاحُ نفسِها أو إنكاحُ مَن تُوَكِّلُه بإنكاحِها، فلا عَضْلَ هنالك لها مِن أحدٍ فيُنْهَى عاضِلُها عن عَضْلِها.

وفي فسادِ القولِ بأن لا معنَى لنَهْيِ اللَّهِ عمَّا نهَى عنه، صحةُ القولِ بأنَّ لوَلِيِّ المرأةِ في تزويجِها حقًّا لا يَصِحُّ عَقْدُه إلا به، وهو المعنى الذي أمَر اللَّهُ به الوليَّ - مِن تَزويجِها إذا خطَبها خاطبُها ورَضِيَتْ به، وكان رِضًا عند أوليائِها، جائزًا في حُكْمِ المسلمين لمثلِها أن تَنكِحَ مثلَه - ونهاه عن خلافِه مِن عَضْلِها، ومَنْعِها عمّا (٤) أرادتْ


(١) العلائق: المهور، الواحدة عَلاقة، وعَلاقة المهر: ما يتعلقون به على المتزوج. النهاية ٣/ ٢٨٩.
(٢) أخرجه ابن أبي شيبة ١٤/ ١٨٤، والبيهقي ٧/ ٢٣٩، من طريق عمير بن عبد الله به، وأخرجه سعيد بن منصور في سننه (٦١٩)، وابن أبي شيبة ٤/ ١٨٦، ١٤/ ١٨٣، والبيهقي ٧/ ٢٣٩، من طريق عبد الملك بن المغيرة به.
(٣) أخرجه البيهقي ٧/ ٢٣٩ من طريق محمد بن بشار به. وعزاه السيوطي في الدر المنثور ١/ ٢٨٧ إلى ابن مردويه.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "مما".