للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ مِن القولِ فى ذلك أنه فى موضعِ جزمٍ على الدعاءِ، بمعنى: فلا آمنوا. وإنما اخترتُ ذلك لأن ما قبلَه دعاءٌ، وذلك قولُه: ﴿رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾، فإلحاقُ قولِه: ﴿فَلَا يُؤْمِنُوا﴾. إذ كان في سياقِ ذلك بمعناه أشبهُ وأولى.

وأما قولُه: ﴿حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾. فإن ابنَ عباسٍ كان يقولُ: معناه: حتى يَرُوا الغرقَ. وقد ذكَرنا الروايةَ عنه بذلك مِن بعضِ وجوهِها فيما مضَى (١).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابنِ جريجٍ، قال ابنُ عباسٍ: ﴿فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ﴾. قال: العَرقُ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (٨٩)﴾.

وهذا خبرٌ مِن الله عن إجابتِه لموسى وهارونَ دعاءَهما على فرعونَ وأشرافِ قومِه وأموالِهم. يقولُ جلَّ ثناؤه: قال اللهُ لهما: ﴿قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا﴾ في فرعونَ وملئِه وأموالِهم.

فإن قال قائلٌ: وكيف نُسبت الإجابة إلى اثنين والدعاءُ إنما كان من واحدٍ؟ قيل: إن الداعىَ وإن كان واحدًا، فإن الثاني كان مؤمِّنًا وهو هارونُ، فلذلك نُسِبت الإجابةُ إليهما؛ لأن المؤمِّنَ داعٍ، وكذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني محمدُ بنُ بشارٍ، قال: ثنا عبدُ الرحمنِ، قال: ثنا سفيانُ، عن ابنِ


(١) تقدم تخريجه في ص ٢٦٧.