للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

غَيْرِكُمْ، إنما هو أو آخران مِن غيرِ أهلِ دينِكم وملتِكم. وإذ كان ذلك كذلك، فسواءٌ كان الآخَران اللذان مِن غيرِ أهلِ دينِنا، يهوديين كانا أو نصرانيين أو مجوسيين أو عابدَىْ وثَنٍ، أو على أيِّ دينٍ كانا؛ لأن الله تعالى ذكرُه لم يَخْصُصْ آخرين مِن أهلِ ملةٍ بعينِها، دونَ ملةٍ بعدَ ألَّا (١) يكونا مِن أهلِ الإسلامِ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى ذكرُه: ﴿إِنْ أَنْتُمْ ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه للمؤمنين: صفةُ شَهادةِ بينِكم إذا حضَر أحدَكم الموتُ وقتَ الوصيةِ، أن يَشْهَدَ اثنان ذوا عدلٍ منكم أيُّها المؤمنون، أو رجلان آخران مِن غيرِ أهلِ ملتِكم، إن أنتم سافَرْتم ذاهبين وراجعِين في الأرضِ.

وقد بيَّنَّا فيما مضَى السببَ الذي مِن أجلِه قيل للمسافرِ: الضاربُ في الأرضِ (٢).

﴿فَأَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةُ الْمَوْتِ﴾. يقولُ: فنزَل بكم الموتُ.

ووجَّه أكثرُ أهلِ التأويلِ هذا الموضعَ إلى معنى التعقيبِ دونَ التخييرِ، وقالوا: معناه: شهادةُ بينِكم إذا حضَر أحدَكم الموتُ حينَ الوصيةِ اثنان ذوا عدلٍ منكم إن وُجِدا، فإن لم يُوجَدا (٣) فآخران مِن غيرِكم.

وإنما فعَل ذلك مَن فعَلَه؛ لأنه وجَّه معنى الشهادةِ في قولِه: ﴿شَهَادَةُ


(١) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "أن".
(٢) ينظر ما تقدم في ٦/ ١٧٧.
(٣) في ص، ت ٢، ت ٣، س: "يوجد"، وفى ت ١: "يجد".