للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

تفسير سورةِ "عبَس"

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى (١) أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى (٢) وَمَا يُدْرِيكَ لَعَلَّهُ يَزَّكَّى (٣) أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنْفَعَهُ الذِّكْرَى (٤)﴾.

يعنى تعالى ذكرُه بقولِه: ﴿عَبَسَ﴾: قبَضَ وَجْهَه تكرُّهًا، ﴿وَتَوَلَّى﴾. يقولُ: وأَعْرَض، ﴿أَنْ جَاءَهُ الْأَعْمَى﴾. يقولُ: لأنْ جاءه الأعمى.

وقد ذُكِر عن بعضِ القرأةِ أنه كان يُطوِّلُ الألفَ ويمدُّها من: ﴿أَنْ جَاءَهُ﴾. فيقولُ: (أآنْ جاءَهُ) (١). وكأنَّ معنى الكلام كان عندَه: أَ أَنْ جاءه الأعمى عبَس وتولَّى؟ كما قرَأ مَن قرَأ: ﴿أَنْ كَانَ ذَا مَالٍ وَبَنِينَ﴾ [القلم: ١٤]. بمدِّ الألفِ مِن "أنْ"، وقصرِها (٢).

وذُكِر أنَّ الأعمى الذي ذكَره اللهُ في هذه الآيةِ هو ابنُ أمِّ مكتومٍ، عُوتِب النبيُّ بسببِه.

ذكرُ الأخبارِ الواردةِ بذلك

حدَّثنا سعيد بن يحيى الأُمويُّ، قال: ثنا أبي، عن هشام بن عروةَ مما عرَضه عليه، عن (٣) عروةَ، عن عائشةَ، قالت: أُنزِلت: ﴿عَبَسَ وَتَوَلَّى﴾ به في ابن أمِّ مكتومٍ. قالت: أتَى إلى رسولِ اللهِ فجعَل يقولُ: أرْشِدْني، قالت: وعندَ رسولِ اللهِ مِن عظماءِ المشركين. قالت: فجعَل النبيُّ يُعْرِضُ عنه، ويُقْبِلُ على الآخرِ،


(١) هي قراءة زيد بن علي والحسن وأبى عمران الجونى وعيسى، وهى قراءة شاذة. البحر المحيط ٨/ ٤٢٧.
(٢) ينظر ما تقدم في ٢٣/ ١٦٩.
(٣) سقط من: م.