به مِن دينِه، والكفر جحودُ ذلك. قالوا: فمعنى الكفر بالإيمان: هو جحودُ الله وجحودُ تَوحيدِه. ففَسَّروا معنى الكلمة بما أُريدَ بها، وأَعْرَضوا عن تفسيرِ الكلمةِ على حقيقةٍ ألفاظِها وظاهرها في التلاوة.
فإن قال قائلٌ: فما تأويلُها على ظاهرِها وحقيقةِ ألفاظِها؟
قيل: تأويلُها: ومَن يأبَ الإيمانَ باللهِ، ويَمتنِعْ من توحيدِه والطاعةِ له فيما أمَره به ونَهاه عنه، فقد حَبِط عملُه. وذلك أن الكفرَ هو الجحودُ في كلامِ العربِ، والإيمانَ التصديقُ والإقرارُ، ومَن أبَى التصديقَ بتَوحيدِ اللهِ والإقرار به فهو مِن الكافرين. فذلك تأويلُ الكلامِ على وَجْهِه.
القولُ في تأويلِ قولِه عز ذكرُه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾.
يعنى بذلك جلّ ثناؤه: يا أيُّها الذين آمَنوا إذا قُمْتُم إلى الصلاةِ وأنتم على غير طُهْرِ الصلاةِ، فاغسِلوا وجوهَكم بالماء وأيديَكم إلى المرافق.
ثم اختَلف أهلُ التأويل في قوله: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ﴾. أمرادٌ به كلُّ حالٍ قامَ إليها أو بعضُها؟ وأيُّ أحوال القيام إليها؟ فقال بعضُهم في ذلك بنحوِ ما قُلنا فيه، من أنه معنيٌّ به بعضُ أحوالِ القيام إليها دونَ كلِّ الأحوالِ، وأن الحالَ التي عُنى بها حالُ القيام إليها على غيرِ طُهْرٍ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا ابن حُمَيدٍ، قال: ثنا يَحيى بنُ واضحٍ، قال: ثنا عُبَيدُ اللهِ، قال: سُئِل عِكْرمةُ عن قولِ اللهِ: ﴿إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ﴾. فكُلَّ ساعَةٍ يَتَوضَّأُ؟ فقال: قال ابن عباسٍ: لا وضوءَ إلا