للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا عليُّ بن سهلٍ، قال: ثنا الوليدُ بن مسلمٍ، قال: قلتُ لعبدِ اللهِ بن المبارك: أرأيتَ قولَ اللهِ: ﴿قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ وَسَلَامٌ عَلَى عِبَادِهِ الَّذِينَ اصْطَفَى﴾. مَن هؤلاء؟ فحدَّثنى عن سفيان الثوريِّ، قال: هم أصحاب رسول الله (١).

وقوله: ﴿آللَّهُ خَيْرٌ أَمَّا يُشْرِكُونَ﴾. يقول تعالى ذكره: قل يا محمد لهؤلاء الذين زيَّنا لهم أعمالهم من قومك، فهم يَعْمَهُون: الله الذي أنعم على أوليائه هذه النِّعم التي قصَّها عليكم في هذه السورة، وأهلك أعداءه بالذي أهلكهم به من صنوف العذابِ التي ذكرها لكم فيها - خيرٌ، أمَّا تُشْرِكون من أوثانكم التي لا تَنْفَعُكم ولا تَضُرُّكم، ولا تَدْفَعُ عن أنفسها ولا عن أوليائها سُوءًا، ولا تجلبُ إليها ولا إليهم (٢) نفعًا. يقولُ: إِنَّ هذا الأمر ما (٣) يُشكلُ على مَن له عقلٌ، فكيف تَسْتَجِيزون أنْ تُشْرِكوا عبادةَ مَن لا نفع عنده لكم، ولا دفع ضرٍّ عنكم في عبادة من بيده النفعُ والضرُّ، وله كل شيءٍ.

ثم ابتدأ تعالى ذكره تعديدَ نعمه عليهم وأياديه عندهم، وتعريفهم بقلة شكرهم إياه، على ما أولاهم من ذلك، فقال: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ﴾.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (٦٠)﴾.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١١٣ إلى المصنف وعبد بن حميد.
(٢) في ت ١: "إليكم".
(٣) في م: "لا".