للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

حدَّثنا هنَّادُ بنُ السَّرِيِّ، قال: ثنا عيسى بنُ يونسَ، عن الأوزاعيِّ، عن حسانَ بن عطيةَ، عن رجلٍ قد سُمِّي له (١)، أن رجلًا قال للنبيِّ : إنا نكونُ بأرضِ مَخْمَصةٍ، فمتى تَحِلُّ لنا المَيْتةُ؟ قال: "إذا لم تَغْتَبِقُوا، ولم تَصْطَبِحُوا، ولم تَحْتَفِئُوا بقلًا، فشأنَكم بها" (٢).

[قال أبو جعفرٍ: يُرْوَى هذا على أربعةِ أوجهٍ: تحْتَفِئُوا بالهمزِ، وتَحْتَفِيوا بتخفيفِ الياءِ، والحاءِ، وتَحتَفُّوا بتشديدِ الفاءِ، وتَحْتَفُوا بالحاءِ والتخفيفِ، ويَحْتَمِلُ الهمز] (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُمْ مِنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ﴾.

قال أبو جعفرٍ : يَعْنى بذلك جلَّ ثناؤُه: يَسأَلُك يا محمدُ أصحابُك ما الذي أُحِلَّ لهم أكلُه مِن المطاعمِ والمآكلِ، [فقل لهم] (٤): أُحِلَّ لكم منها الطيباتُ، وهى الحلالُ الذي أَذِن لكم ربُّكم في أكلِه مِن الذبائحِ، وأُحِلَّ لكم أيضًا مع ذلك صيدُ ما علَّمتم مِن الجوارحِ، وهن (٥) الكواسِبُ مِن سباعِ البهائمِ والطيرِ.

سُمِّيت جوارحَ لجرحِها لأربابِها، وكسبِها إياهم أقواتَهم مِن الصيدِ. يقالُ منه: جرَح فلانٌ أهلَه خيرًا. إذا أكسبَهم خيرًا، و: فلانٌ جارحةُ أهلِه. يَعْنى بذلك كاسبَهم، و: لا جارِحةَ لفلانةَ. إذا لم يَكن لها كاسبٌ. ومنه قولُ أَعْشَى بنى


(١) في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "لنا".
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره عن المصنف (٣/ ٢٧).
(٣) سقط من: الأصل.
وتحتفيوا من: احتفى البقلَ: إذا اقتلعه من الأرض، وتحتفُّوا من: احتففت الشيء، إذا أخذته كله كما تحفٌ المرأة وجهها من الشعر. ينظر اللسان (ح ف ى). وتقدم معنى "تختفئوا" في ص ٩٦.
(٤) في الأصل: "فقال".
(٥) في الأصل: "وهى".