للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

واختَلَفَت القرأة في قراءة ذلك؛ فقرأته عامة قرأة الكوفة والبصرة وبعضُ أهل مكةَ: ﴿لَيَرْبُوَا﴾. بفتح الياء من "يربو"، بمعنى: وما آتَيْتُم مِن ربًا لِيَرْبُوَ ذلك الربا في أموال الناسِ (١).

وقرأ ذلك عامة قرأةِ أهل المدينة: (لتُربُوا). بالتاءِ مِن "تُربو" وضمِّها، بمعنى: وما آتَيْتُم من ربًا لتُرْبوا أنتم في أموال الناسِ (٢).

والصوابُ مِن القول في ذلك عندنا، أنهما قراءتان مشهورتان في قرأةِ الأمصار، مع تقارب معنيتهما؛ لأن أرباب المال إذا أَرْبَوْا رَبا المالُ، وإذا رَبَا المالُ فبإرباء أربابه إياه ربا. فإذ كان ذلك (٣)، فبأى القراءتين قرأ القارئ فمصيبٌ.

وأما قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)﴾. فإِنَّ أهلَ التأويل قالوا في تأويله نحو الذي قلنا.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ زَكَاةٍ تُرِيدُونَ وَجْهَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُضْعِفُونَ (٣٩)﴾. قال: هذا الذي يَقْبَلُه اللَّهُ ويُضْعِفُه لهم عشر أمثالها، وأكثرَ مِن ذلك (٤).

حُدِّثْتُ عن عبد الرزاقِ، قال: أخبرنا معمرٌ، عن قتادة، قال: قال ابن عباس قوله: ﴿وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ﴾. قال: هي


(١) هي قراءة ابن كثير وأبي عمرو وابن عامر وعاصم وحمزة والكسائي. ينظر السبعة ص ٥٠٧.
(٢) هي قراءة نافع. السبعة ص ٥٠٧.
(٣) بعده في م: "كذلك".
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ١٥٦ إلى عبد بن حميد وابن المنذر.