للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

دونَ الذين يَنْهَوْنهم من المؤمنين عن الإفسادِ في الأرضِ، ﴿وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ﴾.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿أَلَا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لَا يَشْعُرُونَ (١٢)﴾.

وهذا القولُ من اللَّهِ جلَّ ثناؤُه تكذيبٌ للمنافقين في دَعْواهم إذا (١) أُمِروا بطاعةِ اللَّهِ فيما أمَرهم اللَّهُ به، ونُهوا عن معصيةِ اللَّهِ فيما نهاهم اللَّهُ عنه، قالوا: إنما نحن مُصلحون لا مُفسدون، ونحن على رُشْدٍ وهُدًى فيما أنْكَرْتموه علينا دونَكم، لا ضالُّون. فكذَّبهم اللَّهُ - جلّ وعزّ - في ذلك من قِيلِهم، فقال: ألا إنهم هم المُفْسِدون المخالفون أمرَ اللَّهِ - جلَّ وعزَّ -، المتعدُّون، حدودَه، الراكبون معصيتَه، التاركون فروضَه، وهم لا يَشْعُرون ولا يَدْرُون أنهم كذلك، لا الذين يَأْمُرونهم بالقسطِ من المؤمنين، ويَنْهَوْنهم عن معاصي اللَّهِ - جلّ وعز - في أرضِه من المسلمين.

القولُ في تأويلِ قولِ اللَّهِ جلَّ ثناؤُه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾.

قال أبو جعفرٍ: وتأويلُ قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ﴾ يعني: وإذا قيل لهؤلاء الذين وصَفَهم اللَّهُ ونَعَتهم بأنَّهم يقولون: ﴿آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ﴾: صَدِّقوا بمحمدٍ (٢) وبما جاء به من عندِ اللَّهِ، كما صدَّق به الناسُ. ويعني بـ ﴿النَّاسُ﴾: المؤمنين الذين آمنوا بمحمدٍ ونبوَّتِه وما جاء به من عندِ اللَّهِ.

كما حدَّثنا أبو كُريبٍ، قال: حدَّثنا عثمانُ (٣) بنُ سعيدٍ، عن بِشرِ بنِ عُمارةَ، عن أبي رَوْقٍ، عن الضحَّاكِ، عن ابنِ عباسٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا


(١) في ر، ت ٢: "إذ".
(٢) بعده في ص: "ونبوته".
(٣) في ص: "عمار".