ودَعَةٍ، أم إلى شِدَّةٍ وعذابٍ، وإنما اتِّباعُنا إياك إن اتَّبَعْناك، وتصديقُنا بما تَدْعونا إليه، رغبةً في نِعْمةٍ وكرامةٍ نصيبُها، أو رهبةً من عقوبةٍ وعذابٍ نهرُبُ منه. ولكن ذلك كما قال الحسنُ: ثم بَيَّن اللهُ لنبيِّه ﷺ ما هو فاعلٌ به، وبمَن كذَّب بما جاء به من قومِه وغيرِهم.
وقولُه: ﴿إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ﴾. يقولُ تعالى ذكره: قُلْ لهم: ما أَتَّبِعُ (١) فيما آمُرُكم به وفيما أفعلُه مِن فعلٍ، إلا وحيَ اللهِ الذي يُوحِيه إليَّ، ﴿وَمَا أَنَا إِلَّا نَذِيرٌ مُبِينٌ﴾. يقولُ: وما أنا لكم إلا نذيرٌ، أنذرُكم عقابَ اللهِ على كفرِكم به، ﴿مُبِينٌ﴾. يقولُ: قد أبانَ لكم إنذارَه، وأظهرَ لكم دعاءَه إلى ما فيه نصيحتُكم. يقولُ: فكذلك أنا.
يقولُ تعالى ذكرُه: قُلْ يا محمدُ لهؤلاء المُشركين القائِلين لهذا القرآنِ لمَّا جاءهم: هذا سحرٌ مُبينٌ: ﴿أَرَأَيْتُمْ﴾ أيها القومُ، ﴿إِنْ كَانَ﴾ هذا القرآنُ هو ﴿مِنْ عِنْدِ اللَّهِ﴾ أنزَله عليَّ ﴿وَكَفَرْتُمْ﴾ أنتم ﴿بِهِ﴾. يقولُ: وكذَّبتم أنتم به.
وقولُه: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَلَى مِثْلِهِ﴾. اختَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: معناه: ﴿وَشَهِدَ شَاهِدٌ مِنْ بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾: وهو له موسى بنُ عمرانَ ﵇ ﴿عَلَى مِثْلِهِ﴾. يعني: على مثلِ القرآنِ. قالوا: ومِثْلُ القرآنِ الذي شهِد عليه موسى بالتَّصْديقِ التوراةُ.