للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فمن ذُرِّيتِهما مهتدٍ إلى الحقِّ مُستَبْصِرٌ، ﴿وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ﴾. يعني: من ذرِّيتِهما، ﴿فَاسِقُونَ﴾. يعني: ضُلَّالٌ، خارِجون (١) عن طاعةِ اللَّهِ إلى معصيتِه.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِمْ بِرُسُلِنَا وَقَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنْجِيلَ وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ وَكَثِيرٌ مِنْهُمْ فَاسِقُونَ (٢٧)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ثم أَتْبَعْنا على آثارِهم برسلِنا الذين أرسَلناهم بالبيِّنات، و (٢) على آثارِ نوحٍ وإبراهيمَ برسلِنا، وأَتْبَعْنا بعيسى ابنِ مريمَ، ﴿وَجَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ﴾. يعني: الذين اتَّبَعوا عيسى على منهاجِه وشريعتِه، و ﴿رَأْفَةً﴾. وهو أشدُّ الرحمةِ (٣)، ﴿وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا﴾. يقولُ: أحدَثوها، ﴿مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ﴾. يقولُ: ما افتَرَضْنا تلك الرهبانيةَ عليهم، ﴿إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ﴾. يقولُ: لكنهم ابتدَعوها ابتغاءَ رِضْوانِ اللَّهِ، ﴿فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا﴾.

واختلَف أهلُ التأويلِ في الذين لم يَرْعَوا الرهبانيةَ حقَّ رِعايتِها؛ فقال بعضُهم: هم الذين ابْتَدَعوها، لم يَقوموا بها، ولكنهم بدَّلوا وخالَفوا دينَ اللَّهِ الذي بعَث به عيسى؛ فتَنَصَّروا وتَهَوَّدوا.


(١) في ص، ت ١، ت ٢: "خروج".
(٢) سقط من: م.
(٣) في ص، ت ١، ت ٣: "الرقة"، وفي ت ٢: "الرأفة". وفي التاج (ر أ ف): الرأفة أشد الرحمة أو أرقّها.