والصوابُ مِن القراءةِ في قولِه: ﴿بِمَا آتَيْتَهُنَّ كُلُّهُنَّ﴾ الرفعُ، غير جائزٍ غيره عندَنا، وذلك أن ﴿كُلُّهُنَّ﴾ ليس بنعتٍ للهاءِ في قولِه: ﴿آتَيْتَهُنَّ﴾. وإنما معنى الكلامِ: ويَرْضَيْن كلُّهن، فإنما هو توكيدٌ لما في ﴿وَيَرْضَيْنَ﴾ مِن ذكرِ النساءِ، فإذا جُعِل توكيدًا للهاءِ التي في ﴿آتَيْتَهُنَّ﴾ يَكُنْ له معنًى، والقراءةُ بنصبه غيرُ جائزةٍ لذلك، ولإجماعِ الحجة مِن القرأةِ على تخطِئِة قارئِه كذلك.
وقولُه: ﴿وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا فِي قُلُوبِكُمْ﴾. يقولُ: واللَّهُ يَعْلَمُ ما في قلوبِ الرجالِ مِن ميلِها إلى بعضِ مِن عندَه مِن النساءِ دونَ بعضٍ، بالهوى والمحبةِ؛ يقولُ: فلذلك وضَع عنك الحرجَ يا محمدُ فيما وَضِع عنك مِن ابتغاءِ مِن ابْتَغَيْتَ منهنَّ ممن عَزَلتَ؛ تفضُّلًا منه عليك بذلك وتكرمةً. ﴿وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا﴾. يقولُ: وكان اللهُ ذا علمٍ بأعمالِ عبادِه، وغيرِ ذلك مِن الأشياءِ كلِّها، ﴿حَلِيمًا﴾. يقولُ: ذا حِلْمٍ على عبادِه، أن يُعاجِلَ أهلَ الذنوبِ منهم بالعقوبةِ، ولكنه ذو حِلْمٍ وأَناةٍ عنهم؛ ليتوبَ مَن تاب منهم، ويُنيبَ مِن ذنوبه مَن أناب منهم.