للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿مَا لَبِثُوا فِي الْعَذَابِ الْمُهِينِ﴾. يعني: المُذلِّ [مَن عُذِّب به، وكان العذابَ الذي عُذِّبوا به مُكثُهم في الخِدمةِ] (١) حَوْلًا كاملًا بعدَ موتِ سليمانَ، وهم يَحْسَبون أن سليمانَ حَيٌّ.

وبالذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويل وجاءت الآثارُ.

ذكرُ مَن قال ذلك والروايةِ بذلك

حدَّثنا أحمد بنُ منصورٍ، قال: ثنا موسى بنُ مسعودٍ (٢) أبو حذيفةَ، قال: ثنا إبراهيمُ بنُ طَهْمانَ، عن عطاءِ بن السائبِ، عن سعيدِ بن جبيرٍ، عن ابن عباس، عن النبيِّ قال: "كان سليمانُ نبيُّ الله إذا صلَّى رأى شجرةً نابتَةً بينَ يديه، فيقولُ لها: ما اسمُكِ؟ فتقولُ: كذا [وكذا] (١). فيقولُ: لأيِّ شيءٍ أنتِ؟ فإن كانت لغَرْسٍ (٣) غُرست، وإن كانت لدواءٍ كُتبت، فبينما هو يُصَلِّي ذاتَ يومٍ، إذ رأَى شجرةً بينَ يديه، فقال لها: ما اسمُك؟ قالت: الخرُّوبُ. قال: لأيِّ شيءٍ أنتِ؟ قالت: لخرابِ هذا البيتِ. فقال سليمانُ: اللهم عَمِّ على الجنِّ مَوْتى حتى يَعْلَمَ الإنس أن الجنَّ لا يَعْلَمون الغيبَ. فنحَتها عصًا، فتوَكَّأ عليها حولًا مَيِّتًا، والجنُّ تَعْمَلُ، فأكَلتها الأَرَضَةُ فسقَط، فتبيَّنت الإنسُ أن الجنَّ (لو كانوا يَعْلَمون الغيبَ ما لبثوا حولًا في العذاب المهين) ". قال: وكان ابن عباس يقرؤُها كذلك. قال: "فشكَرت الجنُّ للأرْضَةِ، فكانت تَأْتيها بالماءِ" (٤).


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) في الأصل: "منصور". وينظر تهذيب الكمال ٢٩/ ١٤٥.
(٣) في م، ت ٢، ت ٣: "تغرس".
(٤) أخرجه المصنف في تاريخه ١/ ٥٠١، وأخرجه البزار (٢٣٥٥ - كشف)، والطبراني (١٢٢٨١) من طريق موسى بن مسعود، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٢٣٠ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم وابن السني في الطب النبوى وابن مردويه.