للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (١٥)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه للأعرابِ الذين قالوا: آمنَّا. ولم يدخُلِ الإيمانُ في قلوبِهم: إنما المؤمنون، أيُّها القومُ، الذين صدَّقوا اللَّهَ ورسولَه، ﴿ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا﴾. يقولُ: ثم لم يشكُّوا في وحدانيةِ اللَّهِ، ولا (١) نبوَّةِ نبيِّه ، وألزَم نفسَه طاعةَ اللَّهِ وطاعةَ رسولِه، والعملَ بما وجَب عليه من فرائضِ اللَّهِ، بغيرِ شكٍّ منه في وجوبِ ذلك عليه، ﴿وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ﴾. يقولُ: وجاهَدوا المشركين بإنْفاقِ أموالِهم وبذْلِ مُهَجِهم في جهادِهم، على ما أمَرَه (٢) اللَّهُ به من جهادِهم، وذلك سبيلُه، لتكونَ كلمةُ اللَّهِ العُلْيا وكلمةُ الذين كفَروا السُّفْلَى.

وقولُه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: هؤلاء الذين يفعَلون ذلك هم الصادقون في قولِهم: إنا مؤمنون. لا مَن دخَل في الملةِ خوفَ السَّيفِ، ليَحْقِنُ دَمَه ومالَه.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ﴾. قال: صدَّقوا إيمانَهم بأعمالِهم.


(١) بعده في ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣: "في".
(٢) في م: "أمرهم".