للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين لغيرِ (١) نظَرٍ منه لهم، وإن كان ذلك فيما يَحْسِبُ من لا علمَ له بما اللَّهُ مُدَبِّرٌ فيهم نَظَرًا منه لهم؛ لأن تأويلَ ذلك صائرٌ إلى هلاكِهم وَبَوارِهم بالسيفِ في الدنيا، واستحقاقِهم من اللهِ في الآخرةِ الخِزْى الدائمَ.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤُه: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ مِنْهُ ذِكْرًا (٨٣) إِنَّا مَكَّنَّا لَهُ فِي الْأَرْضِ وَآتَيْنَاهُ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ سَبَبًا (٨٤) فَأَتْبَعَ سَبَبًا (٨٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ: ويسأَلُك يا محمدُ هؤلاء المشركون عن ذى القرنَيْن ما كان شأنُه، وما كانت قصتُه، فقُلْ لهم: ﴿سَأَتْلُو عَلَيْكُمْ﴾ من خَبرِه ﴿ذِكْرًا﴾. يقولُ: سأَقُصُّ عليكم منه خبرًا. وقد قيل: إن الذين سأَلُوا رسولَ اللهِ عن أمرِ ذى القرنين كانوا قومًا من أهلِ الكتابِ. فأما الخبرُ بأنَّ الذين سأَلُوه عن ذلك كانوا مشركي قومِه فقد ذكَرْناه قبلُ (٢).

وأما الخبرُ بأن الذين سأَلُوه كانوا قومًا من أهلِ الكتابِ، فحدَّثنَا به أبو كريبٍ، قال: ثنا زيدُ بنُ حُبابٍ، عن ابن لهيعةَ، قال: ثنى عبدُ الرحمنِ بنُ زيادِ بن أَنْعُمٍ (٣). عن شيخَيْن من تُجِيبَ (٤)، قال أحدُهما لصاحبِه: انطلِقْ بنا إلى عقبةَ بن عامرٍ نتحدَّثْ. قالا: فأتَيناه (٥). فقالا: جِئْنا لتُحَدَّثَنا. فقال: كنتُ يومًا أخدِمُ رَسولَ اللَّهِ، فخرَجتُ من عندِه، فلقِينَى قومٌ من أهلِ الكتابِ، فقالوا: نُرِيدُ أن نسأَلَ


(١) في ص، م، ف: "بغير".
(٢) تقدم في ص ١٤٢ - ١٤٤.
(٣) بعده في مصادر التخريج: "سعد بن مسعود".
(٤) تجيب: اسم قبيلة من كندة، لهم خطة - وهو ما يختطه الإنسان لنفسه من الأرض ونحوها - بمصر سميت بهم. معجم البلدان ١/ ٨٣٧.
(٥) في م: "فآتياه".