للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

عامةُ قرأةِ المدينةِ: (فإِنَّ اللَّهَ الغَنِيُّ) بحذفِ ﴿هُوَ﴾ من الكلامِ (١)، وكذلك ذلك في مصاحفِهم بغيرِ ﴿هُوَ﴾ وقرَأَتْه عامةُ قرأةِ الكوفةِ: ﴿فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ﴾ بإثباتِ ﴿هُوَ﴾ في القراءةِ (٢)، وكذلك هو في مصاحفِهم.

والصوابُ مِن القولِ أنهما قراءتان معروفتان، فبأَيَّتِهما قرَأ القارئُ فمصيبٌ.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (٢٥)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: لقد أَرسَلْنا رسُلَنا بالمُفَصَّلاتِ مِن البيانِ والدلائلِ، وأَنزَلْنا معهم الكتابَ بالأحكامِ والشرائعِ، والميزانَ بالعدلِ.

كما حدَّثنا ابنُ عبدِ الأعلى، قال: ثنا ابنُ ثورٍ، عن معمرٍ، عن قتادةَ: ﴿الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾. قال: الميزانُ: العدلُ (٣).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ﴾: بالحقِّ. قال: الميزانُ: ما يَعْملُ النَّاسُ ويَتَعاطَوْن عليه في الدنيا مِن معايشِهم التي يَأخُذُون ويُعْطُون؛ يَأخُذون بميزانٍ، ويُعْطُون بميزانٍ، يَعْرِفُ ما يَأْخُذُ وما يُعْطِي. قال: والكتابُ فيه دِينُ الناسِ الذي يَعْملون ويَتْرُكون، فالكتابُ للآخرةِ، والميزانُ للدنيا (٤).


(١) هي قراءة نافع وأبي جعفر وابن عامر. النشر ٢/ ٢٨٧.
(٢) هي قراءة حمزة والكسائي وابن كثير وأبي عمرو وعاصم وخلف ويعقوب الحضرمي. المصدر السابق.
(٣) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢٧٥ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ١٧٧ إلى ابن المنذر.
(٤) ذكر نحوه القرطبي في تفسيره ١٧/ ٢٦٠.