للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: معناه: إذا مَرُّوا بما كان المشركون فيه من الباطلِ مَرُّوا منكِرِين له.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾. قال: هؤلاء المهاجرون، واللغوُ ما كانوا فيه من الباطلِ. يعنى المشركين. وقرَأ: ﴿فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ﴾ (١) [الحج: ٣٠].

وقال آخرون: عُنِى باللغوِ ههنا المعاصى كلُّها.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن الحسنِ في قوله: ﴿وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا﴾. قال: اللغوُ كلُّه المعاصى (٢).

قال أبو جعفرٍ: وأولى الأقوالِ في ذلك بالصوابِ عندى أن يقالَ: إن اللَّهَ أخبرَ عن هؤلاء المؤمنين الذين مدَحهم بأنهم إذا مرُّوا باللغوِ مَرُّوا كرامًا، واللغوُ في كلامِ العربِ هو كلُّ كلامٍ أو فعلٍ باطلٍ لا حقيقةَ له ولا أصلَ، أو ما يُستقبَحُ؛ فسبُّ الإنسانِ الإنسانَ بالباطلِ الذي لا حقيقةَ له، من اللَّغوِ، وذكرُ النكاحِ بصريحِ اسمِه مما يُستقبَحُ في بعضِ الأماكنِ، فهو من اللغوِ، وكذلك تعظيمُ المشركين آلهتَهم من الباطلِ الذي لا حقيقةَ لما عظَّموه، على نحوِ ما عظَّموه، وسماعُ الغناءِ مما هو مُستقبَحٌ في أهلِ الدينِ، فكلُّ ذلك يَدخُلُ في معنى اللغوِ، فلا وجهَ إذ


(١) ينظر ما تقدم في ص ٥٢٢.
(٢) تفسير عبد الرزاق ٢/ ٧٢.