للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أُسْرةٍ (١) مِن الناس، فأراد رجمَه، فحال قومُه دونَه، وقالوا: لا تَرْجُمْ صاحبَنا حتى تَجيءَ بصاحبِك فتَرْجُمَه. فاصْطَلحوا على هذه العقوبةِ بينَهم، قال النبيُّ : "فإنى أَحْكُمُ بما في التوراةِ". فأمَر بهما فرُجِما. قال الزهريُّ: فبلَغَنا أن هذه الآيةَ نزَلَت فيهم: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدًى وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾. فكان النبيُّ منهم (٢).

حدَّثنا القاسمُ، قال: ثنا الحسينُ، قال: ثني حجاجٌ، عن ابن جُرَيْجٍ، عن عكرمةَ قولَه: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾: النبيُّ ومَن قَبلَه مِن الأنبياءِ يَحْكُمون بما فيها مِن الحقِّ.

حدَّثنا المثنى، قال: ثنا عمرُو بنُ عونٍ، قال: أخبَرنا هُشَيْمٌ، عن عوفٍ، عن الحسنِ في قولِه: ﴿يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا﴾: يعنى النبيَّ ، ﴿لِلَّذِينَ هَادُوا﴾: يعنى اليهودَ، فاحْكُمْ بينَهم ولا تَخْشَهم (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالْأَحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ويَحْكُمُ بالتوراةِ وأحكامِها التي أنْزَل اللهُ فيها في كلِّ زمانٍ على ما أمَر بالحكمِ به فيها مع النبيين الذين أسلَموا - الربانيُّون والأحبارُ.

والرَّبانيون جمعُ رَبَّانيٍّ، وهم العلماءُ الحكماءُ البُصَراءُ بسياسةِ الناسِ، وتَدْبيرِ


(١) في ص: "أسوة".
(٢) تفسير عبد الرزاق ١/ ١٨٩، ١٩٠، ومصنفه (١٣٣٣٠)، ومن طريقه أبو داود (٤٤٥٠)، وأخرجه ابن أبي حاتم ٤/ ١١٣٨ (٦٤٠١) عن الحسن بن يحيى به مختصرا، وينظر ما تقدم في ص ٤١٧، ٤١٨.
(٣) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٢٨٦ إلى المصنف وعبد بن حميد وأبى الشيخ بنحوه.