يعني بقولِه: السمعُ: قبولُ ما تسْمعُ، والطاعةُ لِما تُؤْمرُ. فكذلك معنى قولِه ﴿وَاسْمَعُوا﴾: اقْبَلُوا ما سمِعتم، واعْمَلوا به.
قال أبو جعفرٍ: فمعنى الآيةِ إذن: وإذ أخَذْنا مِيثاقَكم أن خُذُوا ما آتيناكم بقوةٍ، واعْمَلوا بما سمِعتم، وأطيعوا اللهَ، ورفَعنا فوقَكم الطورَ مِن أجلِ ذلك.
وأما قولُه: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا﴾ فإن الكلامَ خرَج مَخْرجَ الخبرِ عن الغائبِ بعد أن كان الابتداءُ بالخطابِ، وذلك ما وصَفنا مِن أن ابتداءَ الكلامِ إذا كان حكايةً، فالعربُ تُخاطِبُ فيه ثم تَعودُ فيه إلى الخبرِ عن الغائبِ، وتُخْبِرُ عن الغائبِ ثم تُخاطِبُ، كما قد بَيَّنا ذلك فيما مضى قبلُ. فكذلك ذلك في هذه الآيةِ؛ لأن قولَه ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ﴾ بمعنى: قُلْنا لكم فأجَبْتمونا. وأما قولُه: ﴿قَالُوا سَمِعْنَا﴾ فإنه خبرٌ مِن اللهِ عن اليهودِ الذين أخَذ ميثاقَهم أن يَعْملوا بما في التوراةِ، وأن يُطيعوا اللهَ فيما يَسمعون منها، أنهم قالوا حين قِيلَ لهم ذلك: سمِعنا قولك، وعصَينا أمرَك.
القولُ في تأويل قولِه تعالى: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾.
اخْتَلف أهلُ التأويلِ في تأويلِ ذلك؛ فقال بعضُهم: تأويلُه: وأُشْرِبوا في قلوبهم حبَّ العِجلِ.
ذِكْرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا الحسنُ بنُ يحيى، قال: أخْبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبرنا مَعْمرٌ، عن قتادةَ: ﴿وَأُشْرِبُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ﴾ قال: أُشْرِبوا حبَّه حتى خَلَص ذلك إلى