للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والسَّحَرةُ جمعُ ساحرٍ، غيرَ أن المعروفَ مِن كلامِ العربِ إذا نطَقوا بواحِدِهِ أنْ يقولوا: رجلٌ بَرٌّ، وامرأَةٌ برَّةٌ. وإذا جمَعوا ردُّوه إلى جمعِ فاعلٍ، كما قالوا: رجلٌ سَرِيٌّ. ثم قالوا في جمعِه: قومٌ سَراةٌ. وكان القياسُ في واحدِه أنْ يكونَ "ساريًا"، وقد حُكِى سماعًا مِن بعضِ العربِ: قومٌ خَيَرَةٌ بَرَرَةٌ. وواحدُ الخَيَرةِ: خَيْرٌ، والبَرَرَةِ: بَرٌّ.

وقولُه: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: لُعِن الإنسانُ الكافرُ، ما أكفَره!

وبنحوِ الذي قلْنا في ذلك قال مجاهدٌ.

حدَّثني موسى بنُ عبدِ الرحمنِ المسروقيُّ، قال: ثنا عبدُ الحميدِ الحِمَّانيُّ، عن الأعمشِ، عن مجاهدٍ، قال: ما كان في القرآنِ: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ﴾، أو فعِل بالإنسانِ، فإنما عُنِى به الكافرُ (١).

حدَّثنا ابنُ حميدٍ، قال: ثنا مِهْرانُ، عن سفيانَ: ﴿قُتِلَ الْإِنْسَانُ مَا أَكْفَرَهُ﴾: بلَغني أنه الكافرُ.

وفى قولِه: ﴿أَكْفَرَهُ﴾. وجهان؛ أحدُهما: التعجُّبُ مِن كفرِه، مع إحسانِ اللَّهِ إليه، وأياديه عندَه. والآخرُ: ما الذي أكْفَره؟ أي: أيُّ شيءٍ أكْفَره؟

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿مِنْ أَيِّ شَيْءٍ خَلَقَهُ (١٨) مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ (١٩) ثُمَّ السَّبِيلَ يَسَّرَهُ (٢٠) ثُمَّ أَمَاتَهُ فَأَقْبَرَهُ (٢١) ثُمَّ إِذَا شَاءَ أَنْشَرَهُ (٢٢) كَلَّا لَمَّا يَقْضِ مَا أَمَرَهُ (٢٣)﴾.


(١) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٣١٥ إلى ابن المنذر.