للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والصوابُ من القولِ فى ذلك أن يُقالَ: إنهما قراءتان مشهورتان في قرأة الأمصار، فبأيتِهما قرأ القارئ فمصيبٌ.

فإن قال قائلٌ: وكيف يكونُ مصيبًا القارئُ بهما مع اختلاف معنَييْهما؟ قيل: إنهما وإن اختلف معنياهما فكلُّ واحدٍ من معنَييْه صحيحٌ؛ قد عجِب محمدٌ مما أعطاه اللهُ من الفضل، وسخِر منه أهلُ الشركِ باللهِ، وقد عجِب ربُّنا من عظيمِ ما قاله المشركون فى اللهِ، وسَخِر المشركون بما (١) قالوه.

فإن قال: أفكان التنزيلُ بإحداهما أو بكلتيهما؟ قيل: التنزيل بكلتيهما. فإن قال: وكيف يكونُ تنزيلُ حرفٍ مرّتين؟ قيل: إنه لم يَنْزِلْ مرّتين، إنما أُنزِل مرّةً، ولكنه أُمِر أن يقرَأ بالقراءتين كلتيهما، ولهذا مَوضعٌ سنستقصى إن شاء اللهُ فيه البيانَ عنه، بما فيه الكفايةُ (٢).

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة: ﴿بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُونَ﴾. قال: عجِب محمدٌ من هذا القرآنِ حينَ أُعطِيَه، وسخِر منه أهل الضلالةِ (٣).

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿وَإِذَا ذُكِّرُوا لَا يَذْكُرُونَ (١٣) وَإِذَا رَأَوْا


(١) في الأصل: "مما".
(٢) ينظر كلام المصنف عن القراءات في ١/ ٢٠ - ٦٢.
(٣) أخرجه عبد الرزاق فى تفسيره ٢/ ١٤٨ بنحوه، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٥/ ٢٧٢ إلى عبد بن حميد وابن أبي حاتم.