للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

[أخافُ زيادًا] (١) أن يكونَ عطاؤُه … أداهِمَ (٢) سُودًا أو مُحَدْرَجةً (٣) سُمْرَا

فجعَل العطاءَ القيودَ (٤)، وذلك كقولِ القائلِ لآخرَ سلَف إليه منه مكروهٌ: لأُجازيَنَّك على أفعالِك، ولأُثِيبَنَّك ثوابَك.

وأما قولُه: ﴿غَمًّا بِغَمٍّ﴾. فإنه قيل: ﴿غَمًّا بِغَمٍّ﴾. ومعناه: غَمًّا على غَمٍّ. كما قال: ﴿وَلأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ﴾ [طه: ٧١]. بمعنى: ولأُصَلِّبَنَّكم على جذوعِ النخلِ. وإنما جاز ذلك لأن معنى قولِ القائلِ: أثابك اللهُ غمًّا على غمٍّ: جزاك اللهُ عَمًّا بعد غمٍّ تقدَّمه. فكان كذلك معنى: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾. لأن معناه: فجزاكم عَمًّا بعقب غمٍّ تقدَّمه. وهو نظيرُ قولِ القائلِ: نزَلْتُ ببنى فلانٍ، ونزَلْتُ على بنى فلانٍ، وضرَبْتُه بالسيفِ، وعلى السيفِ.

واخْتَلَف أهلُ التأويلِ في الغمِّ الذي أُثِيب القومُ على الغمِّ، وما كان غمُّهم الأول والثاني؟ فقال بعضُهم: أما الغَمُّ الأولُ، فكان ما تحَدَّث به القومُ أن نبيَّهم قد قُتِل. وأما الغمُّ الآخرُ، فإنه كان ما كان نالَهم مِن القتلِ والجراحِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرُ بنُ معاذٍ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ: ﴿فَأَثَابَكُمْ غَمًّا بِغَمٍّ﴾: كانوا تحَدَّثوا يومَئذٍ أن نبيَّ اللهِ أُصيب، وكان الغمُّ الآخرُ قتلَ أصحابِهم، والجِراحاتِ التي أصابَتْهم. قال: وذُكِر لنا أنه قُتِل يومَئذٍ سبعون رجلًا


(١) في الديوان: "فلما خشيت".
(٢) في ت ١، ت ٢، ت ٣، س: "دراهم". والأداهم: جمع أدهم، وهو القيد. اللسان (د هـ م).
(٣) في الأصل: "مدحرجة".
والمحدرجة: السياط التي أُحْكِم فتلها.
(٤) في م: "العقوبة"، وفى س: "النقود".