يقولُ تعالى ذكره: ثم إنكم أيُّها الناسُ من بعد إنشائناكم خلقا آخر، وتَصْيِيرِناكم إنسانًا سويًّا، ميِّتون وعائدون ترابًا كما كنتم، ثم إنكم بعد موتكم وعَوْدِكم رُفاتًا باليا مبعوثون من التراب خلقًا جديدًا، كما بدأناكم أوَّل مرة.
وإنما قيل: ﴿ثُمَّ إِنَّكُم بَعدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ﴾؛ لأنَّه خبرٌ عن حالٍ لهم يَحْدُثُ لم يَكُنْ. يكن. وكذلك تقولُ العرب لمن لم يمُتْ: هو مائِتٌ وميِّتٌ عن قليلٍ. ولا يقولون لمن قد مات: مائتٌ. وكذلك: هو طَمِعٌ فيما عندك. إذا وُصف بالطمع، فإذا أُخبر عنه أنه سيفعَلُ ولم يفعل، قيل: هو طامعٌ فيما عندك غدًا. وكذلك ذلك في كلِّ ما كان نظيرًا لما ذكرنا.
القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا فَوْقَكُمْ سَبْعَ طَرَائِقَ وَمَا كُنَّا عَنِ الْخَلْقِ غَافِلِينَ (١٧)﴾.
يقول تعالى ذكره: ولقد خلَقْنا فوقكم أيها الناسُ سبع سماوات، بعضُهن فوقَ بعضٍ. والعرب تُسَمِّى كُلَّ شيءٍ فوقَ شيءٍ طَريقةً، وإنما قيل للسماواتِ السبعِ: سبع طرائق. لأن بعضهن فوق بعض، فكلُّ سماءٍ منهن طَرِيقةٌ.
(١) فرى الشيء: شقه. وخلَق الأديم: قدَّره لما يريد قبل القطع وقاسه ليقطع منه قربة أو خُفًّا. ومعنى البيت: تنفذ ما تعزم عليه وتُقَدِّره. وهو مَثَل. اللسان. (خ ل ق، ف ر ي).