للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

رُسُلٌ. كما يقالُ: هو رَجُلٌ صبورٌ، وهم قومٌ صُبُرٌ، وهو رَجُلٌ شَكورٌ، وهم قومٌ شُكُرٌ.

وإنما يعنى جلَّ ثناؤُه بقولِه: ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾. أى: أَتْبَعْنا بعضَهم بعضًا على مِنهاجٍ واحدٍ وشريعةٍ واحدةٍ؛ لأنَّ كلَّ مَن بعَثه اللهُ نبيًّا بعدَ موسى صلَوَاتُ اللهِ عليه إلى أزمانِ عيسى ابنِ مريمَ، فإنما بعَثه يَأْمُرُ بنى إسرائيلَ بإقامةِ التوراةِ والعمَلِ بما فيها والدعاءِ إلى ما فيها، فلذلك قيل: ﴿وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ﴾ يعنى: على مِنهاجِه وشريعتِه، والعملِ بما كان يَعْمَلُ به.

القولُ في تأويلِ قولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾.

يعنى بقولِه جلَّ ثناؤه: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ﴾: أعطينا عيسى ابنَ مريمَ. ويعنى بـ "البَيِّناتِ" "التى آتاه اللهُ إيَّاها، ما أَظْهَرَ على يديه مِن الحُجَجِ له (١)، والدلالةِ على نُبُوَّتِه؛ مِن إحياءِ الموتي، وإبراءِ الأكْمَهِ [والأَبْرَصِ] (٢)، ونحوِ ذلك مِن الآياتِ التى أبانتْ منزلتَه مِن اللهِ، ودلَّت على صدقِه وصِحَّةِ نُبُوَّتِه.

كما حَدَّثَنَا ابنُ حُمَيْدٍ، قال: ثنا سلَمةُ، قال: حَدَّثَنِي ابنُ إسحاقَ، قال: ثنى محمدُ بنُ أبى محمدٍ، عن سعيدِ بن جُبيرٍ، أو عكرمةَ، عن ابنِ عباسٍ: ﴿وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ﴾. أى: الآياتِ التى وضَع على يديه؛ مِن إحياءِ الموتي، وخلْقِه مِن الطينِ كهيئةِ الطيرِ، ثم ينفُخُ فيه فيكونُ طائرًا بإِذنِ اللهِ، وإبراءِ الأسقامِ، والخبرِ بكثيرٍ مِن الغُيُوبِ مِمَّا يَدَّخِرون في بيوتِهم، وما رَدَّ عليهم مِن التوراةِ مع الإنجيلِ الذى أحدَثَ اللهُ إليه (٣).


(١) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٢) سقط من: م، ت ١، ت ٢، ت ٣.
(٣) سيرة ابن هشام ١/ ٥٤١، وأخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ١/ ١٦٨، ٢/ ٤٨٣ (٨٨١، ٢٥٥٥) من طريق سلمة به.