للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

كما حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادةَ قولَه: ﴿لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ﴾. قال: للناسِ عامَّةً (١).

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ (٤٠) وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا ظُلِمُوا لَنُبَوِّئَنَّهُمْ فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَلأَجْرُ الْآخِرَةِ أَكْبَرُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ (٤١)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: إِنَّا إِذا أَرَدْنا أَن نَبْعَثَ مَن يموتُ، فلا تَعَبَ علينا ولا نَصَبَ في إحيائِناهم، ولا في غيرِ ذلك مما [نَخلُقُ ونُكَوِّنُ ونُحْدِثُ] (٢)؛ لأَنَّا إِذا أَرَدْنَا خَلْقَه وإنشاءَه، فإنما نقولُ له: كُنْ. فيكونُ، لا معاناةَ فيه، ولا كُلْفَةَ علينا.

واخْتَلَفَت القرأةُ في قراءةِ قولِه: "يكونُ"، فقرَأَه أكثرُ قرأةِ الحجازِ والعراقِ على الابتداءِ (٣)، وعلى أن قولَه: ﴿إِنَّمَا قَوْلُنَا لِشَيْءٍ إِذَا أَرَدْنَاهُ أَنْ نَقُولَ لَهُ كُنْ﴾. كلامٌ تامٌّ مُكْتَفٍ بنفسِه عما بعدِه، ثم يُبْتَدَأُ فيُقالُ: ﴿فَيَكُونُ﴾. كما قال الشاعرُ (٤):

* يُريدُ أَنْ يُعْرِبَهُ فيُعْجِمُهُ *

وقرَأ ذلك بعضُ قرأةِ أهلِ الشامِ، وبعضُ المتأخرين من قرأةِ الكوفيين: (فَيَكونَ) نصبًا، عطفًا على قولِه: ﴿أَنْ نَقُولَ لَهُ﴾. وكأنَّ معنى الكلامِ على


(١) تقدم تخريجه من طريق معمر عن قتادة مطولا.
(٢) في ص، ت ٢ ف: "يخلق ويكون ويحدث"، وفى ت ١: "نخلق ونكون ويحدث".
(٣) هي قراءة ابن كثير ونافع وعاصم وأبي عمرو وحمزة، كما في السبعة ص ٣٧٣، والتيسير ص ١١٢.
(٤) البيت في الملحق بديوان رؤبة ص ١٨٦ وفى كتاب سيبويه ٣/ ٥٢،٥٣ منسوبا لرؤبة أيضًا، والعقد الفريد ٢/ ٤٨٠ غير منسوب، والأغانى ٢/ ١٩٦، والعمدة لابن رشيق ١/ ٧٤ منسوبا عندهما للحطيئة، ونسبه في اللسان (ع ج م) لرؤبة.