إلى أن تُكوَّرَ الشمسُ، وتَنكدِرَ النجومُ. وقيل: معنى ذلك أن لكلِّ واحدٍ منهما منازلَ، لا تَعْدوه ولا تَقْصُرُ دونَه، ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ألا إن الله الذي فعل هذه الأفعال، وأنعم على خلقه هذه النعم، هو العزِيزُ في انتقامِه ممن عاداه، الغَفَّارُ لذنوبِ عبادِه التائبِين إليه منها، بعَفْوِه لهم عنها.
يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿خَلَقَكُمْ﴾ أيُّها الناسُ، ﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾. يعني: مِن آدمَ، ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾. يقولُ: ثم جعَل مِن آدمَ زوجَه حواءَ، وذلك أن الله خلَقها مِن ضِلَعٍ مِن أضلاعِه.
وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.
ذكرُ مَن قال ذلك
حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾: يعنى آدمَ، ثم خلَق منها زوجَها حواءَ؛ خلَقها مِن ضِلَعٍ مِن أضْلاعِه (١).
فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾. وإنما خُلِق ولدُ آدمَ من آدمَ وزوجتِه، ولا شكَّ أن الوالدَين قبلَ الولدِ؟
فإن في ذلك أقوالًا؛ أحدُها: أن يقال: قيل ذلك لأنه روى عن رسول الله ﷺ أن
(١) تقدم تخريجه ٦/ ٣٤١، ١٠/ ٦١٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.