للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

إلى أن تُكوَّرَ الشمسُ، وتَنكدِرَ النجومُ. وقيل: معنى ذلك أن لكلِّ واحدٍ منهما منازلَ، لا تَعْدوه ولا تَقْصُرُ دونَه، ﴿أَلَا هُوَ الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ﴾. يقولُ تعالى ذكرُه: ألا إن الله الذي فعل هذه الأفعال، وأنعم على خلقه هذه النعم، هو العزِيزُ في انتقامِه ممن عاداه، الغَفَّارُ لذنوبِ عبادِه التائبِين إليه منها، بعَفْوِه لهم عنها.

القولُ في تأويلِ قولِه تعالى: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ (٦)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ﴿خَلَقَكُمْ﴾ أيُّها الناسُ، ﴿مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾. يعني: مِن آدمَ، ﴿ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾. يقولُ: ثم جعَل مِن آدمَ زوجَه حواءَ، وذلك أن الله خلَقها مِن ضِلَعٍ مِن أضلاعِه.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيدٌ، عن قتادة قولَه: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ﴾: يعنى آدمَ، ثم خلَق منها زوجَها حواءَ؛ خلَقها مِن ضِلَعٍ مِن أضْلاعِه (١).

فإن قال قائلٌ: وكيف قيل: ﴿خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا﴾. وإنما خُلِق ولدُ آدمَ من آدمَ وزوجتِه، ولا شكَّ أن الوالدَين قبلَ الولدِ؟

فإن في ذلك أقوالًا؛ أحدُها: أن يقال: قيل ذلك لأنه روى عن رسول الله أن


(١) تقدم تخريجه ٦/ ٣٤١، ١٠/ ٦١٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٥/ ٣٢٢ إلى المصنف وعبد بن حميد وابن المنذر.