للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الغيثِ بأرزاقِ العبادِ مِن سحابِها، وفي الأرضِ مِن جبالِها، وتَصدُّعِها بنباتِها وأقواتِ أهلِها، وسائرِ صنوفِ عجائبِها، فإن في ذلك لكم إن عَقَلتم وتَدبَّرتم عظةً (١) ومعتبرًا، ودلالةً على أن ذلك مِن فعلِ مَن لا يجوز أن يكون له في ملكِه شريكٌ، ولا له على تدبيرِه وحفظِه ظهيرٌ يُغنيكم عما سواه مِن الآياتِ.

يقولُ الله جلّ ثناؤُه: ﴿وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لَا يُؤْمِنُونَ﴾. يقولُ جلّ ثناؤُه: وما تُغنى الحُجَجُ والعِبَرُ والرُّسُلُ المُنذِرةُ عبادَ اللَّهِ عقابه، عن قومٍ قد سبَق لهم مِن اللهِ الشقاءُ، وقضَى لهم فى أمِّ الكتابِ أنهم مِن أهلِ النارِ، لا يؤمنون بشيءٍ مِن ذلك ولا يُصَدِّقون به، ولو جاءتْهم كلُّ آيةٍ حتى يَرَوُا العذابَ الأليمَ؟

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلَّا مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (١٠٢)﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ محذرًا مشركي قومِه مِن حلولِ عاجلِ نِقَمِه بساحتِهم، نحوَ الذى حلَّ بنظرائِهم مِن قبلِهم مِن سائرِ الأممِ الخاليةِ مِن قبلِهم، السالكةِ في تكذيبِ رسلِ اللهِ وجحودِ توحيدِ ربِّهم سبيلَهم: فهل ينتظرُ يا محمدُ هؤلاء المشركون مِن قومِك، المكذِّبون بما جئتَهم به مِن عندِ اللَّهِ، إلا يومًا يُعاينون فيه مِن عذابِ اللَّهِ مثلَ أيامِ أسْلافِهم الذين كانوا على مثلِ الذى هم عليه مِن الشركِ والتكذيب، الذين مَضَوا قبلهم فخَلّوا؛ مِن قومِ نوحٍ وعادٍ وثمودَ؟ قل لهم يا محمدُ، إن كانوا ذلك يَنْتَظِرون: فانْتَظروا عقابَ اللهِ إياكم، ونزولَ سَخَطِه بكم، إنى مِن المُنتظِرِين هَلاكَكُم وبَوارَكم بالعقوبةِ التي تَحْلُّ بكم مِن اللَّهِ.

وبنحوِ الذي قلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.


(١) في م: "موعظة".