للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

المشركين؛ نحن أعزُّ، ونحن ونحن، فلو كان خيرًا ما سبَقَنا إليه فلانٌ وفلانٌ، فإن الله يختصُّ برحمتِه مَن يشاءُ (١).

حدثنا بشرٌ، قال: ثنا يزيدُ، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: ﴿وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا لَوْ كَانَ خَيْرًا مَا سَبَقُونَا إِلَيْهِ﴾. قال: قد قال ذلك قائلون من الناسِ، كانوا أعزَّ منهم في الجاهليةِ، قالوا: والله لو كان هذا خيرًا ما سبقنا إليه بنو فلان وبنو فلانٍ، ويختص الله برحمته من يشاءُ، ويُكرِمُ الله برحمته من يشاءُ، .

وقوله: ﴿وَإِذْ لَمْ يَهْتَدُوا بِهِ﴾، يقول تعالى ذكره: وإذ لم يَبْصُروا بمحمدٍ وبما جاء به من عند الله من الهُدَى، فيَرْشُدوا به الطريق المستقيمَ، ﴿فَسَيَقُولُونَ هَذا إفْكٌ قَدِيمٌ﴾، يقول: فسيقولون: هذا القرآن الذي جاء به محمدٌ أكاذيب من أخبار الأولين قديمةٌ، كما قال جلَّ ثناؤُه مخبرًا عنهم: ﴿وَقَالُوا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ اكْتَتَبَهَا فَهِيَ تُمْلَى عَلَيْهِ بُكْرَةً وَأَصِيلًا﴾ [الفرقان: ٥].

القولُ في تأويل قوله تعالى: ﴿وَمِن قَبْلِهِ كَتَبُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾.

يقولُ تعالى ذكرُه: ومن قبل هذا الكتاب ﴿كِتَابُ مُوسَى﴾، وهو التوراة، ﴿إمَامًا﴾ لبنى إسرائيلَ، يأتَمُّون (٢) به، ﴿وَرَحْمَةً﴾ لهم أنزلناه عليهم، وخَرَج الكلامُ مَخْرجَ الخبرِ عن الكتاب بغير ذكر تمام الخبرِ، اكتفاءً بدلالة الكلام على تمامِه، وتمامُه: ومِنْ قَبلِه كِتابُ مُوسَى إمامًا ورَحْمةً أنزلناه عليه، وهذا كتاب أنزلناه لسانًا عربيًا.

اختلف في تأويلِ ذلك وفى المعنى الناصبِ ﴿لِسَانًا عَرَبِيًّا﴾ أهلُ العربية؛


(١) أخرجه عبد الرزاق في تفسيره ٢/ ٢١٦ عن معمر به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٦/ ٤٠ إلى عبد بن حميد.
(٢) في ص، ت ٢، ت ٣: "يأتمرون".