للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

يقولُ: اجْتَمَع فيها الأوَّلون من أهل الملل الكافرة، والآخرون منهم.

القولُ في تأويل قوله جلَّ ثناؤه: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ لِأُولَاهُمْ رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾.

وهذا خبرٌ من الله جلَّ ثناؤُه عن مُحاوَرةِ الأحْزابِ مِن أهل الملل الكافرة في النارِ يومَ القيامة، يقولُ الله جلَّ ثناؤه: فإذا اجْتَمَع أهل الملل الكافرة في النارِ فادَّارَكوا، قالت أُخرى أهلِ كلِّ ملةٍ دخلت النار، الذين كانوا في الدنيا بعد أُولَى منهم تقدَّمَتْها وكانت لها سلفًا وإمامًا في الضَّلالة والكفر، لأولاها الذين كانوا قبلهم في الدنيا: ربَّنا هؤلاء أضَلُّونا عن سبيلك، ودعَوْنا إلى عبادة غيرك، وزيَّنوا لنا طاعة الشيطان، فآتِهم اليومَ مِن عذابك الضعف على عذابنا.

كما حدَّثني محمد بن الحسين، قال: ثنا أحمدُ بن مفضلٍ، قال: ثنا أسباطُ، عن السديِّ: ﴿قَالَتْ أُخْرَاهُمْ﴾: الذين كانوا في آخر الزمانِ ﴿لِأُولَاهُمْ﴾ الذين شرعوا لهم ذلك الدين: [ربَّنا هؤلاء هم الذين شرعوا لهم ذلك الدين] (١)، ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾ (٢).

وأما قوله: ﴿قَالَ لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لَا تَعْلَمُونَ﴾. فإنه خبرٌ مِن اللَّهِ عن جوابِه لهم، يقولُ: قال الله للذين يَدْعُونه فيقولون: ﴿رَبَّنَا هَؤُلَاءِ أَضَلُّونَا فَآتِهِمْ عَذَابًا ضِعْفًا مِنَ النَّارِ﴾، لكُلِّكم؛ أوَّلِكم وآخركم، وتابعكم ومُتَّبعكم ﴿ضِعْفٌ﴾. يقولُ: مُكَرَّرٌ عليه العذابُ.

وضِعْفُ الشئ مثلُه مرةً.

وكان مجاهدٌ يقولُ في ذلك بما حدَّثني محمد بن عمرٍو، قال: ثنا أبو


(١) سقط من: ص، م، ت ١، ت ٢، ت ٣، س، ف.
(٢) أخرجه ابن أبي حاتم ٥/ ١٤٧٥ (٨٤٥١)، من طريق أحمد بن المفضل به، وعزاه السيوطي في الدر=