للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

فقال مَعْقِلٌ (١): إنما سألْتك أن (٢) أَتَيْتُ على هذه الآيةِ الليلةَ؟ فقال عبدُ اللَّهِ: ائْتِ النساءَ ونَمْ، وأَعْتِقْ رقبةً، فإنك مُوسِرٌ (٣).

حدَّثني يونُسُ، قال: أَخْبَرَنا ابن وهبٍ، قال: ثني جَريرُ بنُ حازمٍ، أن سليمانَ الأعمشَ حدَّثه عن إبراهيمَ بن يزيدَ النَّخَعيِّ، عن همامِ بن الحارثِ [عن عمرِو بن شرحبيلَ، أن مَعْقِلَ] (٤) بنَ مُقَرِّنٍ سأَل عبدَ اللَّهِ بنَ مسعودٍ، فقال: إني حلَفْتُ أَلَّا أنامَ على فِراشي سنةً؟ فقال ابن مسعودٍ: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ﴾. كفِّرْ عن يمينِك، ونَمْ على فراشِك. قال: بم أُكَفِّرُ عن يميني؟ قال: أَعْتِقْ رقبةً فإنك مُوسِرٌ (٥).

ونحوُ هذا مِن الأخبارِ التي رُوِيَت عن ابن مسعودٍ وابنِ عمرَ وغيرِهما، فإن ذلك منهم كان على وجهِ الاسْتِحبابِ لمن أمَروه بالتكفيرِ بما أمَروه به بالتكفيرِ مِن الرقابِ، لا على أنه كان لا يُجْزِئُ عندَهم التكفيرُ للمُوسِرِ إلا بالرقبةِ؛ لأنه لم يَنْقُلْ أحدٌ عن أحدٍ منهم أنه قال: لا يُجْزِئُ المُوسِرَ التكفيرُ إلا بالرقبةِ.

والجميعُ من علماءِ الأمصارِ قديمِهم وحديثِهم مُجْمِعون على أن التكفيَر بغيرِ الرقابِ جائزٌ للمُوسِر، ففى ذلك مُكْتَفًى عن الاسْتِشهادِ على صحةِ ما قلنا في ذلك بغيرِه.

القولُ في تأويلِ قولِه: ﴿فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ﴾.


(١) في م: "نعمان".
(٢) في م: "الكوني".
(٣) أخرجه سعيد بن منصور في سننه (٧٧٢ - تفسير)، وابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٨٧ (٦٦٩٠)، والطبراني في الكبير (٨٩٠٧، ٨٩٠٨)، والحاكم ٢/ ٣١٣، من طريق أبى الضحى به، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٢/ ٣٠٩ إلى ابن سعد وعبد بن حميد وابن المنذر.
(٤) في النسخ: "أن نعمان". والمثبت مما تقدم في ٦/ ٦٠٩.
(٥) أخرجه ابن أبي حاتم في تفسيره ٤/ ١١٨٧ (٦٦٩٠) من طريق الأعمش به، وهو تتمة الأثر تقدم تخريجه ٦/ ٦٠٩.