للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وقال آخرون: بل معنى ذلك: بما قدَّم من خيرٍ أو شرٍّ مما عَمِله، وما أخَّر مما ترَك من عملِه من طاعةِ اللهِ ﷿.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني يونسُ، قال: أخبرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قوله: ﴿يُنَبَّأُ الْإِنْسَانُ يَوْمَئِذٍ بِمَا قَدَّمَ وَأَخَّرَ﴾. قال: ما: أخَّر ما ترَك من العملِ لم يَعْمَلُه، ما ترك من طاعةِ اللهِ لم يَعْمَلْ به، وما قدَّم: ما عمل من خيرٍ أو شرٍّ (١).

والصوابُ مِن القولِ في ذلك عندنا، أنَّ ذلك خبرٌ مِنَ اللهِ أنَّ الإنسانَ يُنبأُ بكلِّ ما قدَّم أمامه، [مما عَمِل مِن خير أو شرٍّ في حياته] (٢)، وأَخَّر بعده، مِن سُنَّةٍ حسنةٍ أو سيئةٍ مما قدَّم وأخَّر، وكذلك ما قدَّم من عملٍ عَمِله من خيرٍ أو شرٍّ، وأخَّر بعده من عملٍ كان عليه فضيَّعه، فلم يَعْمَلْه مما قدَّم وأخَّر، ولم يَخْصُص اللهُ ﷿ مِن ذلك بعضًا دونَ بعضٍ، فكلُّ ذلك مما يُنبأُ به الإنسانُ يومَ القيامةِ.

وقوله: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾. يقول جلَّ وعزَّ: بل للإنسان على نفسه من نفسه رُقَبَاءُ يَرْقُبُونه بعمله، ويَشْهَدون عليه به.

وبنحو الذي قلنا في ذلك قال أهل التأويل.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنى عليٌّ، قال: ثنا أبو صالحٍ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قوله: ﴿بَلِ الْإِنْسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ﴾. يقولُ: سمعُه وبصرُه ويداه ورجلاه


(١) ذكره البغوي في تفسيره ٨/ ٢٨٣ والطوسى في التبيان، ١٠/ ١٩٥، والقرطبى في تفسيره ١٩/ ٩١.
(٢) سقط من: الأصل.