يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه: قُلْ يا محمدُ للقائلين لك: ﴿أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَرًا رَسُولًا﴾ -: ﴿كَفَى بِاللَّهِ شَهِيدًا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ﴾. فإنه نِعْمَ الكافي والحاكمُ، ﴿إِنَّهُ كَانَ بِعِبَادِهِ خَبِيرًا بَصِيرًا﴾. يقولُ: إن اللَّهَ بعبادِه ذو خبرةٍ وعلمٍ بأمورِهم وأفعالِهم، والمحقَّ منهم والمُبطلِ، والمَهْدِيِّ والضالِّ، ﴿بَصِيرًا﴾ بتدبيرِهم وسياستِهم وتصريفِهم فيما شاء، وكيف شاء وأحَبَّ، لا يخفَى عليه شيءٌ من أُمورِهم، وهو مجازٍ جميعَهم بما قدَّم عندَ ورودِهم عليه.
يقولُ تعالى ذكرُه: ومَن يَهْدِ اللَّهُ يا محمدُ للإيمانِ به، ولتصديقِك وتصديقِ ما جئتَ به مِن عندِ ربِّك، فوفَّقه لذلك، فهو المُهْتَدِ الرشيدُ المصيبُ الحقَّ، لا مَن هداه غيرُه، فإن الهدايةَ بيدِه، ﴿وَمَنْ يُضْلِلْ﴾. يقولُ: ومَن يُضْلِلْه اللَّهُ عن الحقِّ، فيَخْذُلْه عن إصابتِه، ولم يوفِّقْه للإيمانِ باللَّهِ وتصديقِ رسولِه، فلن تَجِدَ لهم يا محمدُ أولياءَ يَنْصُرُونهم من دونِ اللَّهِ، إذا أرادَ اللَّهُ عقوبتَهم، والاستنقاذَ منهم، ﴿وَنَحْشُرُهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى وُجُوهِهِمْ﴾. يقولُ: ونَجْمَعُهم بموقفِ القيامةِ من بعدِ
(١) في ت ١، ت ٢، ف: "المهتدي". وبها قرأ نافع وأبو عمرو في الوصل خاصة. حجة القراءات ٢/ ٥٣.