للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا﴾. [بمعنى: فجعلهم جذاذًا] (١)، بمعنى جمعٍ (٢)، كأنهم أرادُوا به جمعَ جَذِيذٍ وجذاذٍ، كما يُجمَعُ الخَفِيفُ حِفافًا، والكريمُ كِرامًا.

وأولى القراءتَين في ذلك عندَنا بالصوابِ قراءةُ مَن قرأه: ﴿جُذَاذًا﴾. بضَمِّ الجيمِ؛ لإجماعِ قرأةِ الأمصارِ عليه، وأن ما أجمَعت عليه فهو الصوابُ (٣)، وهو إذا قُرِئ كذلك مصدرٌ مثلَ الرُّفاتِ والفُتاتِ والدُّقاقِ، لا واحدَ له. وأما مَن كَسَر الجيمَ، فإنه جمعٌ لـ "جَذيذِ" والجَذِيذُ هو فَعِيلٌ، صُرِف مِن مَجذوذٍ إليه، مثلَ كَسِيرٍ، وهَشِيمٍ. والمجذوذةُ المكسورةُ قِطَعًا.

وبنحوِ الذي قُلنا في ذلك قال أهلُ التأويلِ.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثني عليٌّ، قال: ثنا عبدُ اللهِ، قال: ثنى معاويةُ، عن عليٍّ، عن ابن عباسٍ قولَه: ﴿فَجَعَلَهُمْ جُذَاذًا﴾. يقولُ: حُطامًا (٤).

حدَّثني محمدُ بنُ عمرٍو، قال: ثنا أبو عاصمٍ، قال: ثنا عيسى، وحدَّثني الحارثُ، قال: ثنا الحسنُ، قال: ثنا ورقاءُ، جميعًا عن ابن أبي نجيحٍ، عن مجاهدٍ: ﴿جُذَاذًا﴾: كالصَّرِيمِ (٥).


(١) سقط من: م، والكلام فيه سقط ظاهر، ويوضحه ما قاله أبو حيان في البحر المحيط ٦/ ٣٢٢: وقرأ الجمهور "جُذاذًا". بضم الجيم، والكسائي وابن محيصن وابن مقسم وأبو حيوة وحميد والأعمش في رواية بكسرها، وأبو نهيك وأبو السمال بفتحها … وقال اليزيدي: "جذاذا" بالضم جمع "جُذاذة"، كزجاج وزجاجة. وقيل: بالكسر جمع "جَذيذ" ككَريم وكرام. وقيل: الفتح مصدر كالحصاد بمعنى المحصود، فالمعنى "مجذوذين" … وقرأ يحيى بن وثاب: جُذاذًا … كجديد ومجدُد. وقرئ "جُذاذًا" …
(٢) بعده في ص، م، ت ١، ت ٣، ف: "جذيذ".
(٣) وما قرأ به الكسائي أيضًا فهو صواب؛ لأن قراءته من السبعة المتواترة عن النبي .
(٤) عزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٣٢١ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٥) تفسير مجاهد ص ٤٧٢.