للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وجلّ أَلْقَى محبتَه على موسى ، كما قال جلَّ ثناؤُه: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾ فحبَّبه إلى آسيةَ امرأةِ فرعونَ حتى تبنَّته وغدَّته وربَّته، وإلى فرعونَ حتى كفَّ عنه عادِيتَه وشرَّه. وقد قيل: إنما قيل: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾؛ لأنه حبَّبه إلى كلِّ مَن رآه. ومعنى: ﴿وَأَلْقَيْتُ عَلَيْكَ مَحَبَّةً مِنِّي﴾: حبَّبْتك إليهم. يقولُ الرجلُ لآخرَ إذا أحبَّه: ألقيتُ عليك رحمتى. أي: محبتى.

القولُ في تأويلِ قوله جل ثناؤُه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي (٣٩) إِذْ تَمْشِي أُخْتُكَ فَتَقُولُ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى مَنْ يَكْفُلُهُ فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلَا تَحْزَنَ وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ وَفَتَنَّاكَ فُتُونًا فَلَبِثْتَ سِنِينَ فِي أَهْلِ مَدْيَنَ ثُمَّ جِئْتَ عَلَى قَدَرٍ يَامُوسَى (٤٠)﴾.

اخْتَلَف أهلُ التأويلِ في تأويلِ قولِه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾؛ فقال بعضُهم: معناه: ولتُغَذَّى وتُرَبَّى على محبتى وإرادتي.

ذكرُ مَن قال ذلك

حدَّثنا الحسنُ بن يحيى، قال: أخبَرنا عبدُ الرزاقِ، قال: أخبَرنا معمرٌ، عن قتادةَ في قولِه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾. قال: هو غذاؤُه، ولتُغَذَّى على عينى (١).

حدَّثني يونسُ، قال: أخبَرنا ابن وهبٍ، قال: قال ابن زيدٍ في قولِه: ﴿وَلِتُصْنَعَ عَلَى عَيْنِي﴾. قال: جَعَله في بيتِ الملكِ ينعَمُ ويترَفُ، غذاؤُه عندَهم غذاءُ الملكِ، فتلك الصَّنْعةُ (٢).

وقال آخرون: بل معنى ذلك: وأنت بعينى في أحوالك كلِّها.


(١) تفسير عبد الرزاق ٢/ ١٧، وعزاه السيوطي في الدر المنثور ٤/ ٢٩٦ إلى ابن المنذر وابن أبي حاتم.
(٢) ذكره ابن كثير في تفسيره ٥/ ٢٧٨ عن ابن زيد.