للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أرى مرَّ السنينَ أخَذن منى … كما أخَذ السِّرارُ مِن الهلالِ

فذكَر "المرَّ"، ورجع في الخبر إلى "السنينَ".

وقوله: ﴿أُكُلُهَا دَائِمٌ﴾. يعنى: ما يُؤكَلُ (١) فيها. يقولُ: هو دائمٌ لأهلها، لا يَنْقَطِعُ عنهم، ولا يزول، ولا يَبيدُ، ولكنه ثابتٌ إلى غير نهايةٍ. ﴿وَظِلُّهَا﴾. يقولُ: وظلُّها أيضًا دائمٌ؛ لأنَّه لا شمسَ فيها. ﴿تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوا﴾. يقولُ: هذه الجنةُ التي وصف جلَّ ثناؤُه عاقبةُ الذين اتَّقَوْا اللَّهَ، فاجتنبوا معاصيَه وأدَّوا فرائضَه.

وقوله: ﴿وَعُقْبَى الكَافِرِينَ النَّارُ﴾. يقولُ: وعاقبة الكافرين باللَّهِ النارُ.

القول في تأويل قوله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَفْرَحُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّمَا أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَلَا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُو وَإِلَيْهِ مَآبِ (٣٦)﴾.

يقول تعالى ذكره: والذين أنزَلنا إليهم الكتابَ ممن آمن بك واتَّبعك يا محمدُ، يَفْرَحون بما أُنزِل إليك منه، ﴿وَمِنَ الْأَحْزَابِ مَن يُنكِرُ بَعْضَهُ﴾. يَقولُ: ومِن أهلِ الملل المتحزِّبين عليك، وهم أهلُ أديانٍ شتَّى، مَن يُنْكِرُ بعضَ ما أُنزِل إليك، فقل لهم: ﴿إِنَّمَا أُمِرْتُ﴾ أيها القومُ، ﴿أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ﴾ وحدَه دونَ ما سواه، ﴿وَلَا أُشْرِكَ بِهِ﴾: [وأجعلَ] (٢) له شريكًا في عبادتي، فأعبد معه الآلهة والأصنامَ، بل أُخْلِصُ له الدين حنيفًا مسلمًا، ﴿إلَيْهِ أَدْعُوا﴾. يقول: إلى طاعته وإخلاص العبادة له أدعو الناسَ، ﴿وَإِلَيْهِ مَتَابٍ﴾. يقولُ: وإليه مَصِيرى. وهو "مَفْعَلٌ"، من


(١) بعده في ص، ت ٢: "ما".
(٢) في م: "فأجعل".