للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

السيئاتِ، وهو اللَّمَمُ الذي قال النبيُّ : "العينان تَزنِيان، واليَدَان تَزنِيان، والرِّجلان تَزنِيان، ويُصدِّقُ ذلك الفَرْجُ أو يُكَذِّبُه". وذلك أنه لا حدَّ فيما دونَ وُلُوجِ الفرجِ في الفرجِ يَجِبُ (١)، وذلك هو العفوُ من اللَّهِ في الدنيا عن عقوبةِ العبدِ عليه، واللَّهُ جلَّ ثناؤُه أكرَمُ من أن يعودَ فيما قد عفا عنه، كما رُوِي عن النبيِّ (٢).

واللَّمَمُ في كلامِ العربِ المقاربةُ للشيءِ، ذكَر الفرّاءُ (٣) أنه سمِع العربَ تقولُ: ضَرَبه ما لَمَم القتلَ. يريدون: ضَرْبًا مُقارِبًا للقتلِ. قال: وسمِعتُ مِن آخرَ: ألمَّ يفعَلُ. في معنى: كاد يفعَلُ.

القولُ في تأويلِ قولِه ﷿: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ هُوَ أَعْلَمُ بِكُمْ إِذْ أَنْشَأَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَإِذْ أَنْتُمْ أَجِنَّةٌ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى (٣٢)﴾.

قال أبو جعفرٍ : يقولُ تعالى ذكرُه لنبيِّه محمدٍ : إنَّ ربَّك يا محمدُ ﴿وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾: واسعٌ عفوُه للمُذْنِبين الذين لم تَبْلُغْ ذنوبُهم الفواحشَ وكبائرَ الإثمِ. وإنما أعلَم جلَّ ثناؤُه بقوله هذا عبادَه أنه يَغْفِرُ اللَّمَمَ - بما وصَفْنا مِن الذنوبِ - لمن اجتَنَب كبائرَ الإثمِ والفواحشَ.

كما حدَّثنا يونسُ، قال: أخبَرنا ابنُ وهبٍ، قال: قال ابنُ زيدٍ في قولِه: ﴿إِنَّ رَبَّكَ وَاسِعُ الْمَغْفِرَةِ﴾: قد غفَر (٤) ذلك لهم.


(١) سقط من: م.
(٢) أخرجه أحمد ٢/ ١٦٥ (٧٧٥)، وعبد بن حميد (٨٧)، وابن ماجه (٢٦٠٤)، والترمذي (٢٦٢٦)، وأبو يعلى (٤٥٣) من حديث علي مرفوعًا، ولفظ أحمد: " … ومن أذنب ذنبًا في الدنيا، فستر الله عليه، وعفا عنه، فالله أكرم من أن يعود في شيء قد عفا عنه". وينظر تفسير ابن كثير ٧/ ١٩٥.
(٣) في معاني القرآن ٣/ ١٠٠.
(٤) في ص، ت ١، ت ٢، ت ٣: "غفرت".